في الواجهةكتاب السفير

خمسة وأربعون سنة من تآمر الجزائر على المغرب

isjc

السفير 24 / الدنمارك: ذ. البشير حيمري

تاريخ العلاقات المغربية الجزائرية عرف هزات كثيرة منذ استقلال المغرب ،وكان مصدر المشاكل التي عاشها البلدين الاستعمار الفرنسي الذي اقتطع أجزاء من المغرب ليحتفظ بها عقب تأخر الجزائر في الحصول على استقلالها حتى سنة 1963.

احتفظت فرنسا بالصحراء الشرقية، وكانت سببا رئيسيا في تأخير الموافقة على رسم الحدود بين البلدين. المغرب بقي وفيا لحسن الجوار، واستمر في دعم حركة التحرير الجزائرية، ومن المغرب تلقى القادة دعما قويا بحيث في المنطقة الشرقية تلقى بوخروبة ورفاقه الدعم اللوجستي لهزم الإستعمار الفرنسي وإخراجه بلا عودة من أرض الجزائر مخلفا في نفس الوقت مشاكل حدودية لازالت قائمة لحد الساعة وكانت سببا في نشوب نزاع سنة 1963 بين البلدين آنذاك سمي بحرب الرمال.

الجزائر اتهمت المغرب أنذاك بالحقرة والإعتداء على أراضيها، وكانت هذه الحرب سببا في تأخر رسم الحدود بين البلدين إلى يومنا هذا، فالعلاقات الجزائرية المغربية عرفت توترات مستمرة منذ الإستقلال، ولولا حكمة العاهلين المغربيين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني رحمهما الله اللذان تشبثا بمبدأ حسن الجوار، والقيم المشتركة التي تجمع الشعبين ،رافضان بذلك نشوب حرب مدمرة بين البلدين أكثر من مرة بسبب سياسة التآمر التي نهجتها الطغمة العسكرية التي سيطرت على الحكم في الجزائر منذ الإستقلال سنة 1963 ونهبت خيرات هذا البلد الغني بالغاز والنفط.

وكل المؤمرات التي تعرض لها المغرب كان مصدرها عسكر الجزائر الذي يتحكم في تدبير السلطة ، ولعل من بين أهم الأسباب فشل قيام المغرب العربي ،هو موقف الجزائر من تحرير المغرب للأقاليم الجنوبية والتي تأخر خروج الإستعمار الإسباني منها حتى سنة 1975 بعد صدور حكم محكمة لاهاي الدولية الذي أقر بالروابط التاريخية لسكان هذه الأقاليم وبيعتهم للملوك العلويين ،وبعد استرجاع المغرب لصحرائه بالمسيرة الخضراء ،انكشفت خيوط المؤامرة التي قادها الضباط الجزائريين الذين تدربوا في شرق المغرب وبدعم كبير من المغاربة وملكهم محمد الخامس رحمه الله لمواصلة حرب التحرير ضد الإستعمار الفرنسي.

وفعلا تحقق استقلال الجزائر، وقرر المغرب استكمال وحدته الترابية بالمسيرة الخضراء سنة 1975 ومنذ ذلك التاريخ وحكام الجزائر يتآمرون على المغرب وهم الذين صنعوا البوليساريو ومولوه بميئات المليارات دولار لشن حرب استنزاف طويلة ضد المملكة. وسياسة العداء مستمرة ليومنا هذا، وعرفت أشكالا متعددة، بما فيها الحرب الإعلامية القذرة التي تشنها وسائل الإعلام الجزائرية في الآونة الأخيرة لتشويه الحقائق التاريخية ،محاولة من العسكر الجزائري المتحكم في السلطة تأليب الرأي العام الجزائري ضد المغرب وهدفهم ليس إلا تحويل الرأي العام الجزائري بخلق صراع مع المغرب والمبالغة في الإنفاق العسكري استعداد للحرب عوض الإهتمام بالتنمية.

سعار التهديدات لعسكر الجزائر ازداد بعد قرار المغرب توقيع اتفاق استراتيجي مع الولايات المتحدة بعد قرارها الإعتراف بمغربية الصحراء. هذا الإعتراف الذي ربطته الولايات المتحدة بعودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل التي يعيش فيها حوالي مليون يهودي مغربي بقوا متمسكين بحبهم لبلدهم المغرب ويحمل الكثير منهم جنسيته.

هذا التحول الذي حدث في المنطقة رفع من حدة التوتر بين البلدين وخلق جوا مشحونا فيها، وفي نفس الوقت تزامن اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء بإقامة أكثر من خمسة عشر دولة قنصليات لها في هذه الأقاليم المغربية، وهذا يعتبر نصرا دبلوماسيا يؤكد سيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، ومقابل هذا التقدم استمرت الجزائر في تحريك المرتزقة لزعزعة استقرار المغرب بدفع شردمة المرتزقة للسيطرة على معبر الكركرات الذي حرره المغرب بدون حرب ولا إراقة دماء، وأعيد فتح المعبر الذي يعتبر مهم جدا لحركة مرور البشر والتبادل التجاري الدولي .ومنذ تحرير معبر الكركرات واعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء وعودة العلاقات المغربية الإسرائيلية والجزائر تشن حملة إعلامية شرسة على المغرب، تضر بأواصر الأخوة التاريخية التي تجمع البلدين.

إن السياسة العدائية التي شنتها الجزائر لمدة خمسة وأربعون سنة ضد المغرب بعد استرجاعه لصحرائه هي حرب استنزاف لا تخدم الشعبين معا ،وعوض أن يهتم العسكر الجزائري بتغيير سياسته والتفكير في وحدة شعوب المنطقة وتشكيل قوة متكاملة وتكتل اقتصادي قوي وبناء شراكة متقدمة مع دول الإتحاد الأوروبي ،فإن عسكر الجزائر يتجه لقيادة المنطقة لمواجهة حرب مدمرة لاتخدم مصالح وتطلعات شعوب المنطقة التي يجمعها الدين واللغة والقيم المشتركة والتاريخ المشترك الذي سالت من أجله دماء مغربية وجزائرية .

والحقيقة التي يستمر عسكر الجزائر تمريرها عبر حرب إعلامية وقحة ،تعددت وسائلها وشملت هذه المرة حتى مؤسسة المسجد، التي مرر حكام الجزائر عن طريق خطب الجمعة سياستهم التحريضية ضد المغرب متناسين ما قدمه المغرب من تضحيات جسام من أجل تحرير الجزائر .

لاندري إلى أين يقود حكام الجزائر المنطقة بسياستهم العدائية للمغرب ،واستمرارها لا يخدم التطورات الخطيرة التي تعرفها المنطقة والتحديات الكبرى التي تعرفها منطقة الساحل وانتشار التطرف والإرهاب وانتشار الاتجار بالبشر والهجرة السرية وانتشار المخدرات يفرض تكتل إقليمي لمواجهة كل التحديات التي ذكرت.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى