في الواجهةكتاب السفير

دبلوماسية الجزائر بنكهة مطاعم بيتزاهات

isjc

* نورالدين زاوش

منذ ما يربو عن ثلاثة عقود وأنا أُشهر قلمي أنافح به عما يدور بخلدي من أفكار أراها سليمة ومعتقدات أحسبها صحيحة؛ فنسجتُ مؤلفات في العلوم الشرعية والفكر والسياسة وحتى القصة القصيرة، وكتبت عشرات المقالات في شتى المجالات؛ إلا أنني لم أكتب يوما عن النظام الجزائري مراعاة لمشاعر الشعب الجزائري العظيم، ومخافة أن يخلط بينه وبين العصابة التي تحكمه أو تأخذه العزة بالإثم، إلى أن أتى يوم الكركرات حيث نفد فيه الصبر ووصل السيل الزبا فلم يعد في النفس مكان للأناة أو التريث، فأخذت العزم على فضح هذا النظام اللقيط، وعذري للشعب الجزائري المسلم أني أشعر أنه مني وأني منه مثلما أخبرنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام.

بمجرد أن رأيت الوفد الأمريكي الرفيع وهو يرتدي الزي التقليدي الصحراوي ويدشن القنصلية الأمريكية بمدينة الداخلة، حتى تذكرتُ يوم 12 نونبر 2019م حيث كان يوما مشمسا دشن فيه سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر فرعا لمطاعم البيتزا هات في الجزائر العاصمة، وقد احتفى بهذا الحدث العظيم الإعلام الجزائري وترنَّح حتى خُيل إليَّ أنه على مرمى حجر من تحرير الأقصى وبيت المقدس.

إن هذه الحادثة لا تعتبر استثناء في عجائب الدبلوماسية الجزائرية حتى يتم تصنيفها على أساس أنها كبوة جواد أو سقطة نظام؛ بل هي قاعدة تتكرر مشاهدها كل يوم من لدن نظام ساقط على كل الأصعدة؛ ففي الأربعاء الفارط فحسب، 6 يناير 2021م، تحدثت بعض الجرائد الجزائرية عن فتح جديد حققته هذه الدبلوماسية بنشرها خبرا مثيرا بالبند العريض: “زيارة رئيس الأركان العامة للجيوش الموريتانية لمؤسسة الألبسة ولوازم النوم بالخروبة”. 

هكذا كان دوما هذا النظام العجيب، وهكذا سيظل، مغفلا وغبيا ومفرطا في النرجسية والتغزل بالذات إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ إلا إذا قال الشعب الجزائري كلمته الفصل وما أظنه إلا قائلها؛ أما أوهام الجنرالات بنسخ العشرية السوداء وبالتخويف والترهيب وقطع الأعناق؛ فليس كل مرة تسلم الجرة، وعند القذافي وعبد الله صالح الخبر اليقين.

في سيناريو أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع، تمت تبرئة وزير الدفاع السابق الجنرال خالد نزار المحكوم عليه غيابيا بعشرين سنة سجنا من طرف القضاء الجزائري في محاكمة هوليودية دامت عشرين دقيقة كاملة غير منقوص منها ثانية ولا حتى جزء من الثانية، كما أُعطي صك البراءة للجنرال توفيق المحكوم عليه بخمس عشرة سنة في رسالة واضحة للشعب المغلوب على أمره بأن نظامه ماض، إلى آخر رمق، في مسلسل الاغتيالات والاختطافات التي قادها باقتدار، منقطع النظير، هؤلاء الجنرالات سنوات خلت، وهو ما أكده، بعد أقل من أسبوع من يوم التبرئة، خبر العثور على الجنرال عمار بوسيس في سيارته وهو مدرج في دمائه، علما أن هذا الأخير قد شغل منصب مدير القضاء العسكري وهو من كان سببا في اعتقال الجنرال توفيق.

من الواضح أن النظام الجزائري لا يجيد فنون السياسة أو قواعد الدبلوماسية مثلما يجيد أساليب المافيا والعصابات، وأنه لا يملك مقومات الاستمرار في الحكم في ظل ما آلت إليه الأمور، إن داخليا أو على المستوى الإقليمي أو الدولي، ومن الواضح أيضا أن قضية الصحراء المغربية التي بدأ شعاع الأمل يلوح في أفقها أخيرا بعد خمس وأربعين عاما ستكون بإذن الله تعالى القطرة التي ستفيض كأسه، والقشة التي ستقصم ظهر بعيره إذا بقي له بعير.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى