أقلام حرة

يوميات أستاذ من درجة ضابط .. عـدوى “البورط فوليــــو” تنتقــل الى سليـــم

isjc

السفير 24 | بقلم : عزيز لعويــســـي

صورة سليمان وهو محاصر بين أكوام التقارير والجذاذات والوثائـق .. إنتقلت عنوة إلى سريــر “سليم” كما تنتقل ألسنة النيران بين الحصائد العطشى .. وأصرت نسائم “البورط فوليو” الا أن تداعب جسده المرهـق .. بل وأن تتسلل بأريحية وعنفــوان إلى غرفة صمته دون استئــذان .. وتتسرب كالنسائم العليلة إلى عوالمه .. بعد أن رسمت قبلة على وجنتيه .. نزلت علـيه كما لو كانت قطعة ثلج باردة .. فأحدثت في بـــلاط نفسه .. حالة أشبه ما يكون بمحمية يتعايش فيها الإرتبــاك والترقــب والإنتظار جنبا إلى جنب مع الهوى الكاسح والأمل الجـارف .. تخلص سليمان من الأكــوام .. ونهض من تحت أنقــاض الشرود والتيهــــان .. تخلص من ” البورط فوليو” بل وطلقة طلاقــا لا رجعة فيــه ودفنه في أتون النسيان ولو الى حيـــن .. لكــن “الأكوام ” أبت إلا أن تتحــرش بسليم في ليلــــة مازاغان .. وتفصح له دون تــردد وخجـل ” أنا متيمة بــك ” .. كلامها خلف في نفسه حالــة إرتباك قصــوى كادت تعصــف بل عصفت بأفكــاره .. أبت الا أن تحتضنه كما يحتضن الهــــوى القلوب العاشقــة .. لم يجـد بدا من الإنصيـاع والقبول بالأمر الواقـع .. قضـى برفقتهــا ليلـة حمراء .. حرص أن يبادلها الحب بالحــب والوفــاء بالوفـــاء .. حتى تبــدو فاتنـة .. أنيقــة .. متألقــة .. قبل أن يخلـد للنــوم وهي قريبــــة منه .. تملك فكره وبالـه .. تسكنه كالهواجــس .. تلاحقه كالكوابيس المزعجـــة .. استيقظ قبل أن تستيقظ الحمائم وقبل أن تتحرك أولى فيالــق النسائم .. ألقى تحية الصباح عليها (البورط فوليو) قبل أن ترتمي عليه وتحتضنه بلهفة وسخــاء .. وكأنها تعبر عن تضامنها اللامشــروط معه .. كانت تؤمن أن الفراق أمر لا مفـر منه .. ومع ذلك كانــت متماسكة ولم يبد عليها أي قلـق أو إنزعاج ..

حدث هذا و السلطان سليمان .. غارقا في نومه كما لو كان غارقا في بحـر من الهيـــام .. غادر الغرفة للتو دون أن يتمكن من تناول وجبــة الفطور .. إلتقى الأستاذ المتدرب “مولاي رشيد” إبن مراكش وهو يحمل كيسا به خبزتيـن وألقى عليه تحية الصباح وغادره بعد أن تمنى له التوفيـق .. على مستوى مدخل الداخلية .. إلتقى بالأستاذة “خديجة ” وغادرا معا مشيا على الأقــدام في إتجاه محطة الطاكسيات .. والوجهة كانت الثانوية الإعدادية الإمـام مسلم بجماعة مولاي عبدالله .. كان تنتظرهما معـا بالقسم رقم 7 نفس المهمـة .. تقديم درس في إطار الإمتحان الوطني في شقه العملي أمام لجنـة .. المصادفة كانت أن كليهما سيقـدم نفس الدرس ونفس النشاط .. لكن القاسم المشترك كان هو “البورط فوليو” … تلك المتيمـة التي انصاع إليها الجميع …

على مشارف مدرسة “محمدالفاسي” صادفا الأستاذ ” نعيــم ” الذي كان يجر قدماه بخطوات متتاقلة متأبطا محفظة سوداء اللــون .. ألقى عليهما التحية بلكنته المراكشية ، ورافقهما الى الشارع الرئيسي ، حيث كانت الرحلة المكوكية في اتجاه مولاي عبدالله متن سيارة أجرة كبيـرة .. في الطريق خيم على الثلاتـة صمت كاسح .. صمت الوثائق والتقارير والجدادات الراقـدة بين صالونات “البورط فوليو” .. صمت يخفي بين ثنايــاه ولا شك مجموعة من الأفكــار والهواجــس والتوقعات …

الأكيد أن مسرحية “البورط فوليو”‘ سينزل عليها الستـــار .. بعد طول انتظــار… وصلوا الى مولاي عبدالله مبكرا .. وترجلوا مشيا على الأقــدام .. كان الجو ساكنا .. لا يغير صفوه ســوى النسائم الصباحية العليلــة القادمة من الساحـل .. وصلوا الى المؤسسة حوالي الساعة السابعة والنصــف .. كان الباب مغلقـا .. انتظروا لحظــات قبل أن ينتبه الى دقاتهم الحارس الذي فتح الباب أمامهم .. اتجه “سليم” و”خديجة” بخطوات متتاقلـة الى القسم رقـم 7 .. عملا على تهيئة “الداتاشاو” ومسحـا السبــورة .. كان بحـق يوما غير الأيـام ولحظة غير اللحظـات .. رغم الآهات .. كان الإحساس أن اللحظة ستمـر عليهماكالنسيم العابر .. بمشيئـة الله …

– أستاذ التاريخ و الجغرافيا بالسلك التأهيلي بالمحمدية، ضابط شرطة قضائية سابقا، باحث في القانون و قضايا التربية و التكوين.
[email protected]

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى