أقلام حرة

قصص من رحلتي في قطار الفقراء في المغرب!

isjc

السفير 24 – الدنمارك: حيمري البشير

أواصل تأريخ رحلتي إلى المغرب التي عشت فيها معاناة مع وسائل النقل العمومي .فإذا كان المغرب على أهبة انطلاق القطار السريع الذي سيربط طنجة بالدارالبيضاء، فإن مشاكل كل خطوط القطار الرابط بين المدن المغربية الحالية، تعتبر جحيما ليلا ونهارا، إذا قررت ركوبها فهي عربات مهترئة ،وشعب يركبها أصبح لايستحيي، بسلوكاته المستفزة، غياب احترام أوقات الوصول والإنطلاق. تصادف في سفرك كل شر خلق الله ،لأن الذين يمتلكون المال ،يفضلون امتطاء الطائرة التي تبلغهم الهدف في أسرع وقت ممكن.

أخذت نصيبي مما ذكرت، وعشت معاناة ،بل جحيما في صيف تميز بحرارة مفرطة. ذات يوم بين وجدة والبيضاء، صادفت في رحلتي، من كان سيجتاز مباراة، في اليوم الموالي، ومنهم من كان سيواصل سفره بعيدا ولساعات طوال بالطائرة.

القدر عاكس الإثنين فتوقف القطار لساعات طوال بسبب انقطاع التيار الكهربائي، عشت ظروفا صعبة وكأني أنا الذي سأواصل الرحلة إلى الولايات المتحدة ،أو سأجتاز المباراة لولوج كلية الطب والصيدلة، نرفزة وحسرة زائدة تنبعث من الإثنين ،وعندما بحثنا عن المسؤول الذي يعطينا تفسيرا عن تأخر القطار بغية تهدئة الأوضاع وإرجاع الأمل لم أجده، بل وجدت أشخاص من الجنسين معا سئمو من كل شيئ من قطار لخليع نسبة لمدير مكتب القطارات ،ومن المسؤول الذي يستطيع الحوار، ويستهزئ بالمواطن، ولا ينضبط لما يحرص الملك على تفعيله في كل خطبه ،قال أحدهم ،أنت تحلم بمشروع لن يتحقق ،لن تكون محاسبة ،لأي مسؤول مهما فشل في تدبيره، ومهما تمادى في إهانة المواطن ،ومهما فوت على مسافر مواصلة رحلة طويلة بالطائرة، ومهما فوت على فتاة تحقيق حلمها بالمشاركة في مباراة لاجتياز كلية الطب ،ومهما ومهما …….،قلت في نفسي وأنا أحاول التخفيف من الحالة الهستيرية التي دخلها المسافر الذي سيواصل الرحلة ،والطالبة التي كانت تطمح لكي تصبح طبيبة.

متى يستيق ضمير المسؤول لكي يساهم بتخليق الحياة من خلال تعامل يليق بالمواطن، وينضبط للقرارات التي يتخذها رؤساؤه .؟

في اعتقادي بين السنة الماضية وهذه السنة لم يتغير السلوك في القطارات ،واستمر العبث ،واستمر بعض المواطننين الذين لا يملكون أخلاقا ولاضمير من تخريب القطارات، فلا هي أصبحت تشرف وجه المغرب، وفقدت شخصيا كما فقده من كان معي في رحلتي التي دامت أكثر من اللازم ونجم عنها مأساة ومعاناة ،تأخر المسافر الذي كان سيواصل رحلته وارتفع نسبة السكر في دمه وهو المصاب بالسكري بسبب القلق والنرفزة في عدم الوصول في الوقت المحددة ،وبكيت مع الفتاة بحرارة بسبب تأخرها عن الوصول لاجتياز المباراة.

وإذا استمر وضع قطار لخليع حتى انطلاق البراق الذي سموه قبل ولادته ،بالقطار السريع ،فسيكون للمغرب وجهان متناقضان ،قطار للأغنياء وقطار للفقراء مما سيزيد في تكريس الطبقية والفوارق في المجتمع.

وحتى السنة المقبلة، أتمنى من كل قلبي بعد عودتي لمقر إقامتي أن يكون القاصد سفره البعيد قد وصل بسلام ،وأن تكون الفتاة قد عوضها الله حلما خيرا من حلمها الذي فقدته.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى