أقلام حرة

حوادث تهدد الأمن والسلم المجتمعي المغربي

isjc

السفير 24 | محمد هرار

إنّ ما بات يميّز بعض المدن المغربيّة من انعدام أمن، لهو مؤشّر خطير، يعكس درجة الإحباط في الوسط الشبابي، ما يدفعهم منجرفين أو منحرفين، إلى التسيّب وارتكاب الجرائم في واضحة النّهار، ما بات يهدّد بكل أسف، التماسك الاجتماعي، ويؤثّر بشكل قوي على السلوك الجماعي، فيجعله منحرفا متهوّرا مائلا إلى التسيّب والأنانيّة والانفراديّة، وقد عُرف مجتمعنا المغربي عبر العصور، بالتعاون والتآزر والترابط. انحراف وتسيّب وليدَا انعدام أمن، قد يُفقد المواطنين العاديّين الشعور بالأمن وهم في بيوتهم لا سمح الله.

لقد كان الانقطاع المبكّر والهدر المدرسي، وعدم ملء فراغهم بما يشعرهم بالاهتمام بهم ووجودهم المسترسل تحت طائلة غول البطالة، عاملا أساسيّا في الانحراف الذي اتّخذ له أشكالا متعدّدة، قد لا يؤاخذون به أكثر ممّا يؤاخذ به المسؤول المحلّي والجهوي والبرلماني.. فقد ارتقى جماجمَهم لمّا وعدهم بالمشاريع الفضفاضة،

ولمّا حدّثهم عن فرحة حياة يتوق كلّ مغربيّ، بل كلّ إنسان إلى معايشتها. ومن هنا فقد وجدنا منهم من آثر ركوب قوارب الموت في هروب إلى الأمام لكي لا يقع فيما وقع فيه اليوم الكثير منهم. لقد أضحى خبر السرقة والاغتصاب والاعتداءات المتكررة، أو ما يسمى “بالكريساج” إلى أن وصل الأمر أخيرا ببعضهم إلى تعمّد تنفيد جرائم القتل في واضحة النهار، وفي الأزقة والدروب، والممرات العامة، دون كبير حرج !..

لقد أصبح مستصاغا أن يستيقظ السكان في منطقة من مناطق البلاد على أصداء ضحية ما، كتلك الجريمة البشعة المروّعة، التي بلغت مسامعنا، منذ أيام خلت، بإحدى الدواوير المغربية. فقد استعرض المجرم السفّاح، عضلاته، ولم يكتف بإزهاق روح مواطن؛ بل قام بعد قتله بفصل رأسه عن جسده والتجوّل به في أزقّة المنطقة ودكاكينها بلا حياء ولا رادع ولا خوف من الله تعالى أو من أحد آخر.

جريمة، ذبحت الأخلاق والمروءة في مهدها، والأحاسيس الإنسانية في صميمها، كما زرعت نوعا من الهلع والخوف والرعب المميت بين أوساط المواطنين الذين أصبحوا شبه متيقّنين من انعدام الأمن والأمان في أحيائهم وأزقّتهم..

كما أنّ ما تداولته بعض وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا، عن حادث الهجوم على ضحايا قطار “بوقنادل” من طرف بعض المنحرفين، المنحدرين من المنطقة وما جاورها، يعكس الانحدار الأخلاقي المهول وموت الضّمير الإنساني وانكفاء المروءة والرّجولة وغياب السّلطات وتراجع الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر في المجتمع، لولا التدخّل السريع في هذه الحادثة لرجال الامن كما أشاد بذلك النّاجون. إلى ما هنالك من الجرائم التي لا يتّسع المقال لذكرها، والتي تستدعي وقفة تأمل عميقة في بلادٍ، حباها الله تعالى بانسجام عناصر الوجود فيها وأبعد عنها الفتن في ظل ما تتّسم به المنطقة إقليميا ودوليّا من مخاض عسير ومدمّر.

إنّ الأمن القومي لبلاد ما على هذا الكوكب الجميل، لا يمكن عزله بأي حال من الأحول عن أمن المواطنين أفرادا وجماعات، بل لن يكون الأمن القومي إلّا بتأمين جميع أفراد المجتمع. فمن حقّهم جميعا العيش الكريم والسكن اللائق والتعليم الرّسالي اللائق المرقّي، والعلاج الفوري حال المرض، وحريّة التجوال دون خوف.. إنّ الأمن القومي للبلاد لا يتحقّق إلّا بسكن الجميع للجميع واطمئنان الجميع للجميع وبنبذ الجريمة ومحاصرة المجرمين، والقضاء على أسباب الجريمة في المجتمع.

فعلى السّلطات إذن السعي باتّجاه هدفين مهمّين: القضاء على كلّ ما من شأنه أن ينعش الجريمة، ثمّ الحزم والضرب بقوة على أيادي المتلاعبين بالأمن لفرض سلطة القانون. فإنّ النّاس إذا ما رأوا من السلطة – أيّ سلطة – سعيها الصّادق لخدمة المجتمع ساندوها وإن كان في أدائها تقصير، وإن رأوها على غير ذلك، تململوا وإن عمّهم الترف والرخاء. ونسأل الله في البدء والختام، أن تكون بلادنا كما هي دائما روضة قد عمّها السّلام، يطيب التنزّه والاستقرار بها.

اللهم احفظ ديارنا وديار المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى