أقلام حرة

نحو صياغة روحية لضمير العصر

isjc

أ.م.د سامي محمود ابراهيم

اضع الى يميني وردة، والى يساري قلما، أضع مابينهما اشياء أحبها، واتخيل تيمنا بما وعدنا به الرحمن، أنني صاعد الى السماء، ثم اسال نفسي: اي الوجودين احب لي في هذه الرحلة؟

جسدي الذي كنت به موجود ام روحي التي فاض بها الوجود.. ولا شك في ان جوابي سيكون: أنا….أنا أن أردت أن أكون موجود.

ففي الواقع تصبح كل الافعال المتحققة مرفوضة تخلو من كل ما يريح الروح، لهذا لابد ان يحلم المرء بمدينة نائية، طيبة فاضلة يعلق عليها كل ما حرم منه من انسانية وعدالة ينشد فيها الخلاص من تضخم «انا» الحضارة .. ينشد روحية انسانية، مدينة فاضلة، جمهورية مثالية، تنتهي عند بوابتها رحلة الشقاء. لكن وايتهيد يتنبه الى ان الانسان سينتهي وتنتهي احلامه اذا بلغ الحقيقة وتحقق الحلم، فيجعل الطريق الى الحقيقة اجمل بكثير من بلوغها. فالحياة رحلة البحث عن الامل المفقود، وبدونها لم يكن بامكاننا العيش.. فالحضارة ولدت من هذا الحلم، اخذت احيانا شكل المدينة الفاضلة «الفارابي» واحيانا الجمهورية المثالية « افلاطون».

واحيانا اخذت شكل ذلك المرتفع العالي الذي يرتفع اكثر فاكثر كلما ظن المتسلق على سفوحه انه اقترب من الوصول. انها الحكاية الطريفة عن العجوز وزجاجة الخل والجني، فالعجوز كانت تئن طوال الوقت من ضيق الزجاجة وحين سمعها الجني حقق حلمها في الاقامة في بيت كبير وهاديء…. لكنها عادت الى الشكوى مرة اخرى، لكن من العزلة والهدوء هذه المرة…. فاخذها الى المدينة الصاخبة ومع ذلك لم تكف عن الشكوى. فاعادها الجني اخيرا الى زجاجة الخل.

فكلنا يقيم بشكل او باخر في زجاجات قد تكون مليئة بالخل او الزيت او الماء او العطر او اي سائل اخر. وكلنا نحلم بواقع بهدف لكن سرعان ما نشكو من الوصول ونبدأ بالحلم من جديد. وربما تاخذنا الاحلام الى المدينة المحرمة من جديد.

فهل نجد في القراءة بحثا موازيا عن الحقيقة؟ ام اننا نبحث عن محطات جديدة نتزود بها بقليل من الزاد والماء والراحة لنواصل السير.

كلية الآداب جامعة الموصل العراق

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى