كتاب السفير

مصر و الإقدام على .. الإعدام

isjc

الصادق بنعلال

انتقل النظام المصري و بخطوات فائقة السرعة إلى تنفيذ “حكم ” الإعدام في حق مجموعة من المواطنين الرافضين للانقلاب على الشرعية الديمقراطية، و المناوئين للمؤسسة العسكرية التي وضعت حدا للتجربة الديمقراطية الجنينية، بعد أن أفضت إلى فوز بين لتيار الإسلام السياسي المعتدل، و تنصيب محمد مرسي كأول زعيم مصري، اختاره الشعب في انتخابات ديمقراطية مشهود لها دوليا بالنزاهة و الشفافية. و قد جاء هذا التعاطي الوحشي مع المخالفين في الرأي و المدافعين عن كرامة مصر و عزتها في سياق إقليمي و دولي، ينحو نحو منع أي نزعة إلى الانتقال الىيمقراطي السلمي في البلدان العربية، و يقف بقوة إلى جانب الاستبداد و الجبروت ..

ندرك أن هذه المغامرة غير محسوبة العواقب خطيئة كبرى في حق الشعب المصري الطامح للسلام و الاستقرار و التقدم، و كنّا نمني النفس كمتتبعين و متعاطفين مع قضايا العرب، أن تقدم الطبقة الحاكمة في أرض الكنانة على اجتراح حلول سياسية ثورية، تدعو للمصالحة الشاملة و الحوار الوطني بمشاركة كل المكونات المجتمعية الفاعلة، من قوميين و ليبراليين و اشتراكيين و علمانيين و إسلاميين .. للاتفاق على خارطة طريق تنقذ البلد من الضياع، و الإفراج عن المعتقلين السياسيين بغض النظر عن مرجعياتهم الأيديولوجية، و السماح بعودة المغتربين من رجال الفكر و السياسة للمساهمة في بناء مصر الغد، بيد أن هذه الأمنية باءت بالفشل الذريع على وقع صوت مقصلة إعدام خيرة شباب البلد، و يقيننا أن أعداء الأمة العربية يرقصون فرحا و يزهون مَرَحا بهذا الإنجاز الدموي الأليم.

ما من شك في أن تاريخ المصريين قديما و حديثا حافل بالإبداعات الحضارية و الإنتاجات العلمية و الفلسفية و الفنية، كما أن مصر بفضل هذه المرجعية التاريخية المعطاء و موقعها الجيوستراتيجي بالغ الأهمية، و سكانها المجبولون على الاجتهاد غير الحمود .. قادرة أن تعود من جديد لبناء أهرامات من نوع آخر، أهرامات الازدهار التكنولوجي و التقدم العلمي الفسيح، لمواجهة مشاريع إقليمية حضارية عملاقة ( إيران – تركيا – إسرائيل )، و يعتقد صاحب هذه السطور مثلما يعتقد عدد غير قليل من المثقفين العرب الذين يكنون كل معالم الود و المحبة لأهل مصر الأعزاء، أن القرارات الاستراتيجية التي يمكن أن تصعد بهبة النيل نحو الأعالي هي القرارات الديمقراطية الداعية إلى المصالحة و التسامح و التكامل، من أجل مصر العزة و الرقي و الحياة ، أما قرارات الموت الجماعي ستفضي لا قدر الله إلى الهاوية ( و ما أدراك ما هي ! ).

باحث مغربي في قضايا الفكر و السياسة

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى