أقلام حرة

إهدؤوا رحمكم الله.. هل فعلا يعيش حي سيدي يوسف بن علي بمراكش إنفلاتا أمنيا!!!

isjc

ياسين مهما

لاشك أن حي سيدي يوسف بن علي شأنه شأن كل أحياء مدينة مراكش و المغرب، يشهد حدوث جرائم هنا وهناك، على درجات ومستويات متباينة، فمن السرقات الموصوفة، إلى هتك عرض طفل قاصر، إلى حالات اغتصاب، ثم مرورا بجرائم قتل…يخمد حي سيدي يوسف بن علي أمدا، ثم يستيقظ على عويل أم هنا أو نواح أب هناك، أو صراخ أخ أو أخت هنالك… وهو ما دفع ساكنة الحي للتفكير في تنظيم مسيرة نحو ولاية الأمن للتنديد، بما وصفوه “انفلاتا أمنيا” فهل يشهد حي سيدي يوسف بن علي -فعلا- انفلاتا أمنيا كما يدعي البعض جهلا، أو انفعالا وتأثرا، أو لغاية في نفس يعقوب..؟

الإجابة على هذا السؤال تتطلب -بداية- تحديد مفهوم الإنفلات الأمني، وتحديد مظاهره وتجلياته، وتعضيده بالشواهد والمقارنات حتى يستطيع المرء أن يجيب إن إثباتا أو نفيا.

يمكن تحديد الإنفلات الأمني كظاهرة اجتماعية في قيام رهط أو عصبة من المارقين بأعمال – مادية أو رمزية- منافية للتعاقدات الإجتماعية، بما يضر الفرد والمجتمع إما في ماله أو بدنه أو عرضه، أو فيما يضره في بعضها أو كلها دون مراعاة أو اكتراث لوجود سلطة أو سلطات، من ماهيات مختلفة تعمل على حماية الأفراد والمجتمع من هذا الضرر إما بشكل استباقي وقائي أو بشكل بعدي لاحق للعمل أو الفعل المضر قصد الحد منه، ومنه الحد من انتشار الظاهرة.

ويمكن توصيف هذه الظاهرة بالتعريف القانوني على أنها الجريمة. فيكون الإنفلات الأمني عندما يقوم فرد أو جماعة بفعل مناف للقانون، يترتب عنه الضرر بالنسبة للفرد أو المجتمع، وفي هذه الحدود فلا يمكن القول إن الأمر يتعلق بانفلات امني بل بجريمة لا أقل ولا أكثر.

وإذن متى يكون الانفلات الأمني؟ يكون الانفلات الأمني عندما يقوم فرد أو جماعة بأفعال منافية للقانون، بمعنى جرائم، مع العلنية والجهر من جهة، والتكرار والمعاودة من جهة أخرى، إضافة إلى الجرأة على السلطة أو السلطات المعنية وتحديها..

فمن الواضح إذن أنه لا يمكن توصيف جرائم مشتتة هنا وهناك، وتتسم بالعرضية والفردية على أنها انفلات أمني، فالإنفلات يتجلى في شيوع وذيوع الجريمة، مع علنيتها وإشهارها في الشارع العام، بما فيه إذاية مادية أو معنوية للأمن العام للمواطن، ومع التكرار والمعاودة نظرا لغياب الرادع، مما ينتج عنه الرعب والإرهاب في الشارع العام، وتصبح فيه سلامة المواطن قاب قوسين أو أدنى، ينتظر في أية لحظة ساطورا براقا أو سيفا صقيلا ينهال عليه من حيث لا يدري وهو يمارس حياته العامة.

وإذا كان الأمر كذلك، فهل يشهد حي سيدي يوسف بن علي إنفلاتا أمنيا؟ بقليل من التأمل والتفكير يطمئن المرء للإجابة بالنفي، فكما أن لكل ظاهرة مظاهر تحددها وتؤكدها، فأين مظاهر ظاهرة الانفلات الأمني بحي سيدي يوسف بن علي؟ بإعمال التأمل والتفكير السابقين، يلحظ المتأمل أن معدل الجريمة بحي سيدي يوسف بن علي عاد جدا، بل إيجابي جدا مقارنة مع بعض الأحياء بمدينة مراكش كحي الملاح على سبيل المثال لا الحصر … فما يحدث في حي سيدي يوسف بن علي من جرائم متفرقة -زمانا ومكانا- هنا وهناك، (كان آخرها الجريمة الشنعاء التي راح ضحيتها أربعيني على يد عشيقته بعد جلسة خمرية)، يبقى ضمن نطاق النسب العادية جدا أو المنخفضة والإحصائيات الوطنية تؤكد هذا.

فعلا هناك بعض الملاحظات التي تصل حد الاستياء بعض الأحيان من جراء تراخي بعض الأمنيين، لكن الأمر لا يعدو أن يكون على مستوى دائرة بعينها و مسؤول بعينه، لكن أن نسفه مجهودات رجال الأمن بحي سيدي يوسف بن علي جملة وتفصيلا، وأن نضرب عرض الحائط جهوده، فلهو أمر غير مقبول، لما قد يخلقه من ذعر عارم لدى المواطن من جهة وهذا أمر سيء، ولما قد يخلقه من استياء وتذمر لدى الجهات المعنية من جهة أخرى وهو أمر أسوأ، فالأولى الاعتراف بالفضل لأهله كي يستمروا فيه لا كي يتراجعوا عنه، فإذا كان هذا واجبهم وهو ما لا نختلف فيه، فهناك كثير من الأعباء التي يتحملون مشاقها لا تدخل بتاتا في دائرة مهامهم وهي تأتي على حساب راحتهم وأسرهم.

ولا نملك في هذا السياق إلا الإنهاء، بعبارة معبرة دأب على ترديدها أحد المسؤولين الأمنيين السابقين بحي سيدي يوسف بن علي، تختصر وضعية التدبير الأمني بهذا الحي : “لا نهاية للكمال ولا حد للفضيلة” ونضيف: ولا انفلات أمني بهذا الحي.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى