أقلام حرة

إلى أين أنت ماض يا وطني؟!

isjc

* لحسن لمزاوك

في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن إنصاف ما و مصالحة ما و عن مناظرات وطنية مرتقبة للنظر في ملفات حقوقية عالقة، لا بأس أن أثير بمقالي هذا صراخ أرامل و أبناء شهداء و مفقودي و أسرى الصحراء المغربية ، الذي لايزال يتعالى بسائر التراب الوطني منددا بسياسة اللامبالاة للدولة التي لم تول الملف المطلبي لهاته الأسر الإهتمام الذي يليق به، لتظل تواجه التهميش و الإقصاء في تكريس الجهة المعنية لمنطق الخذلان و التنكر اللذان لازما الضحايا لعقود.

و قد شكل صراخهم ذاك على الدوام رسائل قوية إلى الجهة الوصية و عما وجب القيام به بغية تمكين أسر الشهداء و المفقودين و الأسرى من جميع حقوقهم المهضومة، و بالتالي طي ملفهم الحقوقي الذي ظل يراوح مكانه منذ بداية نزاع الصحراء المغربية.

فخلال الفترة الممتدة من سنة 1975 إلى حدود كتابة هاته السطور، عرفت هاته الشريحة هزات عنيفة على عدة مستويات و كان أعنفها و أشدها وقعا على الأسر تكريم الدولة لصناع الإنفصال و تمتيع الخونة مجرمي الحرب بامتيازات سخية كان الأجدر بها من دافعوا عن الوطن باستماتة و ليس من تسببوا في كوارث إنسانية تمتد مآسيها إلى حدود اليوم.

فبالرغم من توفر أسر الضحايا على إطار قانوني يمثلهم و المتمثل في ‘‘الجمعية الوطنية لأسر شهداء و مفقودي و أسرى الصحراء المغربية‘‘ ، و قيام هذا الإطار منذ تأسيسه في نونبر 1999 بمجهودات جبارة لإيصال ملفهم الحقوقي بين يدي الجهات العليا للبلاد، سالكا في ذلك كل الوسائل المشروعة من مراسلات و لقاءات و ندوات و احتجاجات سلمية حضارية، إلا أن المخاطب الرسمي غالبا ما فضل سياسة التسويف و المماطلة من قبيل اللقاءات الجوفاء و الوعود الكاذبة و الخطابات التضليلية…

إن المتتبع للشأن الحقوقي في البلاد و الرأي العام عموما يعرفون بوجود مؤسسات وطنية و قوانين خاصة بهاته الفئة. لكن ما لا يعلمه هؤلاء، حسب اعتقادي، هو طبيعة الأعمال المقدمة من طرف تلك المؤسسات و محتويات القوانين و كيفية تنزيلها على أرض الواقع و المستفيد منها !؟

فإذا كانت المؤسسات المحدثة أريد لها ألا تضع من أولوياتها تمكين أسر الضحايا من جميع حقوقها، فكيف لهاته الأسر أن تؤمن بمصداقية و بعمل الساهرين على إداراتها؟

و إذا كانت القوانين المحدثة لصالح ضحايا حرب الصحراء (قانون مكفولي الأمة مثلا) لا يشمل أيتام حرب الفترة الممتدة بين سنة 1975 (بداية الحرب) و سنة 1991 (وقف إطلاق النار)، فعن أي أيتام حرب يتحدثون؟!!

إن أسر شهداء و مفقودي و أسرى الصحراء المغربية، و في ظل عمل المؤسسة المعنية و ترسانة القوانين الحاليين اللذان يرومان تبييض الواجهة و در الرماد في العيون، لتأمل في صحوة ضمير لدى الجهات الوصية حتى تصلح ما يجب إصلاحه و إنصاف الضحايا، و حتى تجنب المؤسسة المسؤولة من كل ما يسيئ إلى سمعتها و سمعة البلاد عموما.

أما إن كان للمعنيين رأي يعكس تعنتهم و تمسكهم برؤيتهم المعتادة، فإن الملف الحقوقي للأسر المذكورة سيظل وشمة عار على جبين الدولة المغربية طالما أن الضحايا متشبثون بحقوقهم و منظمون متحدون داخل جمعيتهم المناضلة باسم النضال المشروع الهادف رافعين صوتا واحدا: ‘‘أين حقوقنا؟! نريدها كاملة غير منقوصة”.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى