كتاب السفير

الفصائل الرياضية لسان الشعب المغربي !

isjc

* الصادق بنعلال

–  من تحصيل الحاصل القول إن المنافسات الرياضية ، و أخص بالذكر لعبة كرة القدم لم تعد مجرد لقاءات دورية عبثية يهدر فيها الوقت هدرا ، فيما لا يفيد الفرد و ينفع المجتمع كما كان يزعم المثقفون النخبويون ، تماما كما لم يعد ينظر إليها كأفيون للشعوب تلهي الطبقة العاملة و تنسيها مطالبها في العدل و العيش الكريم كما كان يخمن مثقفو الشيوعية في الماضي القريب ! بل أضحت هذه الكرة الساحرة ركنا محوريا من أركان الفاعلية الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية في راهن المجتمعات الإنسانية المعاصرة ، و موردا ماليا رفيعا لملايين من الأسر عبر العالم ، و المغرب ليس استثناء ضمن هذه القاعدة العامة ، بل إنه يصارع من أجل أن يؤسس لعهد رياضي واعد ، و لا أدل على ذلك النجاح النسبي لبعض فرقه في المنافسات الوطنية و القارية .

–  و من المعلوم أيضا أن في المغرب أندية مرجعية يزخر تاريخها بالألقاب و البطولات الغالية من قبيل الناديين البيضاويين الوداد و الرجاء ، الذين يشكلان قطبي الكرة الوطنية بلا منازع ، و يحظيان بمساندة جماهيرية رهيبة ، دون أن ننسى فرقا أخرى أضحت علامات فارقة في المنجز الرياضي المغربي ومن ضمنها الاتحاد الرياضي لطنجة ، الذي بصم على مساهمة فنية محترمة شكلت قيمة مضافة في المشهد الرياضي ، و تحديدا في ما يتعلق بالمستوي الفرجوي غير المسبوق في مدرجات الملاعب ، إلى درجة أضحى المتتبع المغربي ينتظر على أحر من الجمع مقابلات الوداد و الرجاء و الاتحاد ليس فقط لمواكبة مجريات الحوارات الفنية ، بل و أيضا للاستمتاع بالأهازيج و الأغاني التي يرددها المشجعون و تصدح بها حناجرهم ، تعبيرا عن تعلقهم الأبدي بالرموز المفضلة ، و تنديدا بالأوضاع الاجتماعية و السياسية المرفوضة ، من قبل جل الفئات الشعبية المحرومة من حقها في التعليم و الصحة و السكن و العيش الكريم .

–  فبعد أن هوت الممارسة السياسية إلى الحضيض ، و انهارت الحكومات و مجلسي النواب و المستشارين ” المحترمين” ، و تحولت جل الأحزاب إلى دكاكين للاسترزاق و تقسيم غنائم الريع ، و الصراع الدموي من أجل الذود على  المصلحة الفردية الضيقة ، على حساب مصالح الوطن و الغالبية العظمى من الشعب المغربي الأبي ، و بعد أن أضحت الساحة السياسية خالية على عروشها .. كان لا بد مما ليس منه بد ! لا بد من أن يأتي من يملأ هذا الفراغ الدراماتيكي ، إنه هذا الموج الهادر من الفصائل الرياضية ، لقد حول المشجعون الرياضيون المدرجات إلى برلمان شعبي للمعذبين في الأرض ، و منصة لقصف المتلاعبين بمصير الأمة و حاضر و مستقبل العباد و البلاد ، عبر كلمات عميقة المعنى محكمة البناء اللغوي القائم على البساطة و الوضوح و العفوية ، بعيدا عن اللغة الخشبية البائدة و حذلقة المتطفلين على الشأن العام ، إنها بلاغة الوضوح و شاعرية التعبير المباشر ، ما أروع جماهير الرجاء العالمي و هي ترسم لوحة فنية بمداد الألم و صوت الأنين و قوة الأمل : “مواهب ضيعتوها بالدوخة هرستوها كيف بغيتو تشوفوها .. ؟” و ما أجمل جماهير فارس البوغاز و هي تزلزل فضاء الملاعب بأغنية ملتزمة أبكت الملايين داخل الوطن و خارجه :

هاذي بلاد الحكرة  و دموعنا فيها سالو العيشة فيها مرة ، مكذبوشي اللي قالو  قتلونا بالهدرة ، ما شفنا فيها والو”

إنه الغضب العاصف  ذلك الذي يصدر عن قلوب مكلومة ، و شبان غير مقتنعين باللعبة السياسية ، لا يرون فيها أي بريق من الأمل أو شعاع من نور في آخر النفق . فهل سيعيد أصحاب القرار النظر في البناء المجتمعي برمته من أجل اجتراح نظام سياسي رشيد ، يستند إلى قيم الديمقراطية و يقلل من الخطب و يكثر من العمل ، و يضمن احترام حقوق الإنسان ، من مساواة و حرية و كرامة إنسانية  و توزيع عادل للثروة بين أبناء الشعب الواحد كل أبناء الشعب ؟ الكرة في مرمى الطبقة السياسية التي ضبطتها الجماهير في حالة شرود .. في أكثر من مناسبة !

* كاتب من المغرب

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى