في الواجهةكتاب السفير

مهام تحت المجهر لجامعة الحسن الثاني بالبيضاء.. تساؤلات وهواجس حول حوافز اسناد المسؤوليات بالرئاسة وتدبير المشاكل.. والملفات الساخنة برئاسة وهياكل الجامعة -الجزء الثاني

isjc

* بقلم: الأستاذ: ساجد المصطفى | كلية الحقوق – المحمدية-

فعدم طرح الملفات الساخنة، التي لها علاقة بالعبث بالمهام وبالموارد المالية وبالاعتداءات والخروقات، يمكن شرحها ليس فقط باللامبالاة بل كذلك بدور بعض الأعضاء (رجال المطافئ) باصطفافهم بجانب ذوي المسؤوليات الإدارية والجلادين والذين أصبحت لهم اليد الطولى على كيفية تدبير بعض الملفات ومصيرها وكذلك التأثير على مجموعة من أعضاء المجلس. كيف يعقل أن ميزانيات المختبرات “المبوبة” يتم صرفها في أمور أخرى من طرف رؤساء بعض المؤسسات في تحدي سافر لتوزيع الميزانية والمصادق عليها من طرف مجلس الجامعة وكتحقير وتجاوز لحقوق المختبرات.

كما لامسنا عن قرب كذلك كيف أن بعض المهام الجامعية لا يتم الخوض في طرح المشاكل المرتبطة بها ، وأن هناك ممارسات وطرق تدبير تصب في اتجاه تحاشي فتح الملفات الساخنة والمشاكل العويصة بالمؤسسات كتلك المتعلقة بسلك الدكتوراة.

فشكاية البعض من طلبة سلك الدكتوراة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببن امسيك الموجهة لرئيسة الجامعة لا تعدو أن تكون إلا الشجرة التي تخفي الغابة، بحيث أن مجموعة من المشاكل التي يتخبط فيها طلبة وأساتذة تفسر أساسا بتسيير غير سليم وحتى كارثي لمراكز دراسات الدكتوراه والتي يعود لها الاختصاص فيما يخص تسيير شؤون هذا السلك العالي خلال كل المراحل بدءا بالتسجيلات حتى برمجة المناقشات. وللتوضيح فإن مركز دراسات الدكتوراة يتكون من مدراء المختبرات كمراكز لإيواء طلبة الدكتوراة باعتبارهم كفاعلين في الإنتاج العلمي بناءا على مقتضيات النصوص، وأن رئيس مركز دراسات الدكتوراة يتم اختياره من بين ومن طرف مدراء المختبرات المعنية.

إلا أنه في بعض المؤسسات يتم ضرب استقلالية مركز دراسات الدكتوراة وتجاوز اختصاصاته من طرف الجهاز الإداري (رئيس المؤسسة وحاشيته الإدارية) والذي يفرض على مركز دراسات الدكتوراة اجتهادات خارج النصوص وباللجوء كذلك إلى أساليب التحكم في مسار الطلبة خلال مرحلة إعداد أطروحتهم ، علما أن الحقوق والواجبات لطلبة الدكتوراة هي مسطرة في “ميثاق الأطروحة” « Charte de thèse » .

ففي مجموعة من الحالات ببعض المؤسسات، وفي ظل مهادنة مدراء المختبرات أو تواطؤهم، فالجهاز الإداري يتدخل حتى في تحديد أزمنة البرمجة للمناقشات وفي اختبار أو ضرورة مصادقته على أعضاء اللجان المشرفة ) ( Membres de Jury.

وعليه فتدخل الجهاز الإداري في جميع مراحل سلك الدكتوراة يعتبر خرقا سافرا لمقتضيات النصوص المنظمة لمراكز دراسات الدكتوراة ومسا خطيرا باستقلالية اختصاصاتها.

فبالرجوع إلى ما نشر بمجموعة من المنابر الإعلامية ومن خلال محتوى العديد من شكايات الفاعلين الجامعيين فيما يخص تفاقم المشاكل بسلك الدكتوراة على مستوى بعض المؤسسات الجامعية، فتفشي مظاهر سلبية وممارسات الزبونية والمحسوبية خلال مراحل سلك الدكتوراة بالتمييز بين الطلبة وفق اعتبارات طبيعة مهنة الطالب أو جنسيته أو محاباة للقرابات والصداقات، هي عوامل من شأنها أن تخلق أضرارا بالفاعلين وتبخيس أعلى شهادة بالتعليم العالي.

مجموعة من الطلبة، من خلال شكاياتهم أو مقالات إعلامية، تطرقوا لإقصائهم الممنهج من التسجيل بسلك الدكتوارة ولمعاناة الطلبة المسجلين من خلال الاستفزازات والمضايقات والترهيب، علما أن طلبة آخرون تقدم لهم جميع التسهيلات خلال كل مراحل الدارسة والبحث بهذا السلك بدءا بمرحلة التسجيل حتى تسليم الدبلوم. وبالرجوع إلى النصوص المنظمة لدراسات الدكتوراة، فالإدارة لا دخل لها خلال مرحلة إعداد الأطروحة والإنتاج العلمي للطالب. فمعاناة البعض من الطلبة المسجلين بسلك الدكتوراة في شكل تعسفات وابتزازات وتعطيل ممنهج لبرمجة المناقشات، كلها ممارسات تجد تفسيرها في أسلوب نهج الانتقامات والعقاب ضد الأساتذة المشرفين على أطروحات هؤلاء الطلبة والذين يصنفون ضمن خانة المغضوب عنهم بعدم امتثالهم لضوابط الطاعة والولاء وحسن السيرة.

لوضع حد للنزيف ولكل أشكال التبخيس ولرد الاعتبار لمصداقية وعلمية دبلوم الدكتوراة، يجب على الهياكل المعنية الاهتمام بما يقع من تجاوزات وممارسات بهذا السلك. بالحرص على احترام مقتضيات النصوص واستقلالية مراكز دراسات الدكتوراة والحزم في تفعيل مبدأ تكافؤ الفرص وأن طلبة الدكتوراة سواسية في الحقوق والواجبات وأن من يؤطر عملهم هو ميثاق الأطروحة.

وأنه فيما يخص التسجيلات وبرمجة المناقشات يجب الاحتكام إلى الكفاءة والإنتاج العلمي كمعايير حاسمة في هذا الشأن ، وبالقطع مع ممارسات ومنطق التسهيلات والمقايضات بناءا على خاصية الطالب كطبيعة ونفوذ مهنته وحتى خدماته أو طبيعة جنسيته (حالات الأشخاص المنحدرين من دول الخليج) أو من خلال استغلال المسؤوليات الإدارية بإدارة الجامعة أو بالمؤسسات للظفر بشهادة الدكتوراة بالاختيار الدقيق لأعضاء اللجان وتشكيلها على المقاس وبتسريع برمجة المناقشات.

فالتهافت المتفاقم خلال السنوات الأخيرة للأشخاص المنحدرين من بعض دول الخليج، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، للحصول على دبلوم الدكتوراة من الجامعات المغربية، يطرح تساؤلات حول أسباب ودوافع اختيار الوجهة المغربية للتسجيل بسلك الدكتوراة.

فعدم ربط منح شهادة الدكتوراة باحترام مقتضيات وواجبات ميثاق الأطروحة وبالاستحقاق العلمي من خلال إنتاج علمي مُؤشر عليه من طرف أعضاء اللجان المشرفة، ذوي كفاءة عالية ونزاهة وحس بثقل المسؤولية العلمية التي على عاتقهم، يعتبر “جريمة علمية” وتبخيسا خطيرا لأعلى شهادة جامعية وضربا لقيمتها ومصداقيتها.

فلا يمكن أن نجزم في مصداقية التسجيل وعلمية الأطروحة أم لا ، وأن الهياكل الجامعية المعنية (مركز دراسات الدكتوراة، ومجلس الكلية ومجلس الجامعة) تتحمل مسؤولياتها فيما يخص الحرص على تنفيذ مبادئ تكافؤ الفرص ونزاهة التسجيلات وتفعيل مبدأ سواسية الطلبة أمام العامل الوحيد لبرمجة المناقشات ألا هو الإنتاج العلمي.

ولوضع حد لهذا النزيف ورد الاعتبار العلمي لدبلوم الدكتوراة، يجب مراجعة النصوص والمساطر المنظمة لمراكز دراسات الدكتوراة ، وبعدم تفريخها بالعمل على تجميع هذه المراكز حسب الاختصاص وطبيعة البحث والتكوين. وعليه يجب إيلاء أهمية قصوى لقيمة وعلمية هذا دبلوم ، من خلال الحرص على نزاهة وجدية المباريات والتسجيلات بسلك الدكتوراة وبتغليب معايير الكفاءة والإنتاج العلمي كعوامل حاسمة في برمجة المناقشات ومنح الدبلومات.

فخلال تجربتنا لمجلس الجامعة (2014-2017)، وبعدما اتضح أن رئيس الجامعة لا يحسم بقوة القانون في شكايات وتظلمات الفاعلين الجامعيين ولا يفعل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، تم هناك اقتراح بخلق لجنة دائمة بمجلس الجامعة تهتم في الشكايات والخروقات والتظلمات وكل ما هو منافي لمقتضيات القانون من تجاوز لاختصاصات الهياكل وللنصوص المنظمة للتعليم العالي وللجامعة المعنية، إلا أن مثل هذه الاقتراحات المحرجة للأطراف المتسلطة والمتعسفة على الحقوق يتم التغاضي عنها في ظل غياب حماس وجرأة أعضاء مجلس الجامعة اتجاه كل ما له علاقة بالظلم وبتجاوزات إدارة الرئاسة وإدارات المؤسسات.

فرئيس الجامعة ما هو إلا عضو يترأس اجتماعات مجلس الجامعة، وينفذ قراراته وليس من حقه، بمعية حاشيته ومناصريه، محاصرة الملاحظات والاقتراحات باللجوء إلى أساليب الإقصاء واللامبالاة وحتى محاولات الترهيب والعمل على ضرب مصداقية شكايات الفاعلين والتشكيك في خطورتها وجدواها ونبذ الرأي المخالف والمناهض “لأخطبوط المصالح المتبادلة”.

فغالبا ما يتم تجاهل الملاحظات والاقتراحات التي لا تخدم مصالح و أهداف رئاسة الجامعة ومن يدور في فلكها من رؤوساء المؤسسات وبعض ذوي المسؤوليات بإدارة وهياكل المؤسسات.

يتبع…

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى