في الواجهةكتاب السفير

للمرة الرابعة | إجراء مباراة شغل منصب عميد كلية الحقوق بالمحمدية.. اللجنة المشرفة والأطراف المعنية بالمصادقة على المسطرة والاقتراح والتعيين أمام مسؤولياتها !!

isjc
* بقلم: ذ. ساجد المصطفى – كلية الحقوق المحمدية

تثير مباريات شغل منصب رئيس مؤسسة جامعية الكثير من ردود الأفعال سواء داخل الحقل الجامعي أو عبر وسائل الإعلام. وذلك بالنظر الى طرق تنظيمها التي تعتري مساطرها العديد من الاختلالات، مما يفرغ جوانبا منها مما تقتضيه النزاهة من موضوعية وحياد، وتمتع جميع المترشحين المتبارين لهذه المهمة بمبدأ تكافؤ الفرص، خاصة وأن الأمر يتعلق بسمعة الحرم الجامعي، وتهديد صورته ومكانته.

واستحضارا لما تفرزه هذه المباريات ومساطرها الموجهة والمفبركة من مشاكل وهواجس وتساؤلات عديدة على المستوى الجامعي فيما يتعلق بمسطرة التنظيم أو بشأن الوزارة الوصية بخصوص مسألة التعيين وإسناد المنصب. فالعديد من الأطر الجامعية تتساءل، إن لم نقل أنها تشكك، في مغزى إجراء هذه المباريات من منطلق أن العملية متحكم فيها خاصة عندما تتم مناصرة مرشحين على حساب آخرين لا تتوفر فيهم المواصفات الضرورية لتحمل المسؤولية ومنها على الأقل شروط الكفاءة والأهلية والنزاهة.

ما تطرقت إليه الصحافة الوطنية مؤخرا بشأن ما تعيشه كلية الحقوق بالمحمدية ليس إلا قمة جبل الجليد بفعل تراكم المشاكل ومواصلة سياسة التماطل وترك الحبل على الغارب بخصوص شغور كرسي العمادة، خاصة وأن التسيير بالنيابة يعتبر مسؤولية عابرة لظرفية لا تطالها المحاسبة والمساءلة، ولا تمارس مهامها تحت طائلة الإكراهات والضغوطات ، فبسبب عدم الحسم في مصير هذه الكلية من خلال الإلغاءات المتكررة لمباريات شغل منصب عميد المؤسسة المعنية، فقد طالت مدة التسيير بالنيابة لمدة تناهز أربع سنوات عجاف.

كما أن نفس نهج التسيير استمر زهاء ثمان سنوات من طرف فريق إداري عبت بروح المسؤولية وعمل على تبخيس قيمة الفاعل الجامعي ومحاولة تقزيم دوره وضرب صورته ،من خلال ممارسات وأساليب بعيدة كل البعد عن تمثل حزم المسؤولية وصرامتها لخدمة الصالح العام ، ورغم إعفاء العميد السابق “ح.ج” من مهامه بقيت الأمور على حالها ، ولم تذهب في اتجاه الطي النهائي لصفحة التجربة المشؤومة في ظل البقاء بكرسي المسؤولية والتشبث بالطاقم الإداري، الذي يدور في فلك العميد المقال.

وأخيرا تم تحديد تاريخ إجراء المباراة لتقديم المشاريع من طرف المرشحين لشغل منصب عميد هذه المؤسسة وذلك يوم 16 نونبر 2019. على ضوء الوضع المتأزم بالكلية وللخروج من النفق المسدود وعنق الزجاجة ووضع هذه المؤسسة على السكة الصحيحة، يطالب الفاعلون الجامعيون بالقطع مع الممارسات السابقة فيما يخص اصطفاف أعضاء اللجان المشكلة على المقاس بجانب بعض المرشحين لمباراة شغل منصب عميد هذه الكلية والذين تم توظيفهم في مباريات سايقة، ك”كراكيز” تحركها رئاسة الجامعة كما يحلو لها لتزكية مرشحين مقربين لهم النفوذ كأولياء للنعمة للتأثير ولترتيب أنفسهم على حساب أخرين،مما يجسد ضربا صارخا لمبدأ تكافؤ الفرص واحترام منطق النزاهة وكذا المبدأ الدستوري الذي ينص أن المغاربة سواسية جميعا أمام القانون.

فعلى اللجنة المشرفة والتي يعين أعضاءها وزير التعليم العالي باقتراح من رئيس الجامعة. تجنب توظيف العلاقات والحساسيات بين أعضائها اتجاه المترشحين (Affinités /Animosités) والحرص على تقييم مشاريع مرشحين بكل دقة وموضوعية درءا لكل لبس أو تواطؤ أو تمتيع المقربين بالأفضلية ضدا على مصلحة المترشحين غير المصنفين ضمن دائرة العلاقات أو التحيز لفائدة ولصالح البعض على حساب آخرين.

وعليه فالمطلوب التعامل مع هذه المحطة بكل شفافية ونزاهة ونبذ أساليب التعليمات والإملاءات التي كانت لها عواقب كارثية متكررة بفعل طبخ النتيجة لفائدة المشرح المزكى من رئاسة الجامعة وكذلك الخدمات القذرة لفاعيلين جامعيين للتأثير على باقي أعضاء اللجان.

فلقد سجلت بهذا الصدد تدخلات بعد رؤساء الجامعات الذين كانت لهم اليد الطولى في دعم مترشحين على حساب آخرين ووضعهم على رأس المؤسسات وكأن الأمر يتعلق باقتسام غنيمة أو فيء تستفيد منه اللجنة المشكلة على المقاس التي تستجيب للتعليمات والاملاءات لصالح الأطراف والجهات المتدخلة تمثلا لمبدأ المقربون أولى بالمعروف.

وهنا يتحمل رئيس الجامعة كامل المسؤولية، إذ المفروض فيه التطبيق الصارم لمقتضيات القانون التنظيمي، والحرص والمراهنة على المصلحة العامة بالقطع مع كل أشكال الزبونية والمحسوبية والتحلي بالحياد والنزاهة بعيدا عن الاصطفاف والوقوف الى جانب مرشح على حساب آخرين.

وبالرجوع للمقتضيات القانونية فإن رئيس الجامعة، بعد مصادقة مجلس الجامعة، طبقا للفصل 20 من القانون 00-01 المنظم للتعليم العالي، على المسطرة المتبعة، بدءا بفتح باب الترشيحات إلى حدود الإعلان عن النتائج النهائية، يسهر على إرسال لائحة المترشحين الثلاثة الأوائل المرتبين حسب النقط المحصل عليها إلى الوزارة الوصية بهدف إخضاعها لمسطرة التعيين في المناصب العليا و الذي أصبح فيما يهم مؤسسات التعليم العالي من اختصاص رئيس الحكومة وفقا للتعديل الدستوري لسنة 2011، وذلك بتعيين، في إطار مجلس الحكومة، مرشحا واحدا مقترحا من الوزير الوصي على القطاع من ضمن المرشحين الثلاث المرتبين في اللائحة.

وبما أن مهمة اختيار مرشح واحد، من بين الثلاثة المرتبين في اللائحة، موكولة إلى وزير التعليم العالي، فإن مسألة الاختيار في حد ذاتها تطرح بصددها العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام بخصوص المعايير و المقاييس المتحكمة في عملية الاختيار والبعيدة بالطبع عن الموضوعية إذ تظل رهينة أمزجة المسؤولين و أهوائهم .

وهنا ينبغي التذكير بالجواب غير المقنع الذي برر به الوزير السابق لحسن الداودي مسألة الاختيار في رده على الانتقادات الموجهة إليه بهذا الصدد، حيث عزا المسألة إلى أن التقارير الأمنية تكون حاسمة في التعيينات التي تهم منصب رئيس مؤسسة جامعية، إذ يتم على ضوئها الحسم في إسناد المنصب، وهي توضيحات وتبريرات واهية تبرئ ذمته و الغرض الأساسي منها تحميل المسؤولية في ذلك إلى أطراف وجهات خارجية لا علاقة لها بالوزارة الوصية، كل ذلك في محاولة للتستر على الدوافع الحقيقية التي تقف وراء اختياراته، والتي ظلت محكومة بمنطق الولاءات الحزبية و المراهنة على ضمان السلم الاجتماعي، ومحاباة ومقايضة الأطراف المحسوبة على تأثيرات حزبية ونقابية.

وتجدر الإشارة إلى أنه لا ينبغي تكرار وإعادة إنتاج نفس تجربة الوزير السابق للتعليم العالي لحسن الدواودي ، بحيث أنه بناءا على مجموعة من الانتقادات حول اختياراته واقتراحاته، فكلية الحقوق بالمحمدية ،كما هو الشأن بمؤسسات جامعية أخرى، كانت ضحية لمقايضات مع الأطراف النقابية والسياسية ولتكتيف العلاقات الاخطوبوطية المصلحية. فهذا الوزير السابق الذي ظل يهلل ويغرذ باستمرار خلال الولاية المعنية بأسطوانة محاربة الفساد بالقطاع، تشبث بقوة بمن يعبث بالمسؤولية، ويضرب عرض الحائط بمقتضيات النصوص ولا يهون في احتراف الأفعال المسيئة والدنيئة، رغم صدور حكم من المحكمة الإدارية ينصف الأساتذة المرشحين والمرتبين ، (ز.م)، (ش.م)، الذين رفعوا دعوى قضائية ضد قراره الجائر والغير قانوني، والأخطر من ذلك تملصه ألعمدي من تنفيذه والاحتكام لنتائج المباراة التي أجريت في عهد الوزير السابق أحمد اخشيشن، والتي تم إلغاؤها من طرف الوزير المحسوب على حزب العدالة والتنمية، تحت ذريعة أن الدستور الجديد يخول له صلاحية الإلغاء والإعلان عن إجراء مباراة جديدة.

ذهب الداودي بعد إعفائه من المسؤولية الوزارية، وترك الجامعات العمومية تتخبط في المشاكل بقراراته التي زادت من تأزم قطاع التعليم العالي والبحث العلمي من خلال تشجيع الخوصصة، عبر منح المعادلات للمعاهد والجامعات الخاصة وكذلك عبر تبخيس قيمة الشواهد ودرجات الترقية، بحيث أن هاجس التوسع الحزبي وإرضاء بعض الفئات بالأوساط الجامعية تمت على حساب مصداقية ومكانة الجامعة العمومية وتبخيس قيمة الفاعلين بها ، ما يجعل هذه المناصب ذات جاذبية عند الأغلبية هو عدم تفعيل آليات المراقبة وحماية المال العام بعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة رغم التنصيص على ذلك في الدستور المعدل 2011.

فهذه التطاحنات، الغريبة على منتج الأفكار والمعرفة، والطموحات الزائدة تطرح عدة تساؤلات حول الدوافع الحقيقية لشغل منصب رئيس مؤسسة جامعية.

فعندما توجه المسؤولية لخدمة الصالح العام وتعتبر كثقل وعبئ يقتضي التفاني و النزاهة ونكران الذات على من يتحملها، فأكيد أن الصراعات والممارسات المنبوذة ستنمحي. فالتطاحنات لتقلد المناصب وجاذبيتها تفسر أساسا من خلال غياب تشريعات وآليات فعلية للمراقبة.

فرغم إنشاء المجلس الأعلى للحسابات ودسترته، فدوره يشوبه الانتقاء و لا يتم تعميمه على جميع المؤسسات العمومية وأن تقاريره تبقى حبيسة الرفوف بدون متابعات قضائية.

فما يصعب هضمه وما لا يمكن بالمطلق تقبله، على مستوى مكانة وماهية العمل الجامعي، هو كيف يعقل أنه لم تسجل ولو مرة، خلال ولايات رؤساء الجامعات، أنه تم معاقبة و محاسبة من له مسؤولية إدارية برئاسة الجامعة أو بالمؤسسات الجامعية، كما لو أن المؤسسات الجامعية ليست بها تجاوزات وخروقات وأفعال منافية للقانون وعبث بالحقوق والمهام وأنها، على ذلك، تسير وفق مقتضيات القانون والأعراف الجامعية؟

فعندما تقترف، لعدة سنوات، مجموعة من الأفعال المشينة، بكلية الحقوق بالمحمدية، المؤسسة المعنية بالمباراة، من تجاوزات للنصوص والهياكل وتهديدات ومساس بالحقوق وبالمهام وحتى اعتداءات إجرامية داخل أسوار المؤسسة الجامعية، فالفاعل الجامعي المنطقي و الغيور على سمعة الجامعة لا يمكنه إلا أن يستغرب من سياسة وإستراتيجية الإفلات من العقاب والمحاسبة.

فكيف يعقل أن من زوال مهمة عميد وعميد بالنيابة لكلية الحقوق بالمحمدية لمدة تناهز سبع سنوات، لم تحرك ضده، بمعية فريقه، أية مسطرة أو إجراء لمحاسبته على الإستراتيجية الدائمة والدنيئة للتنكيل بحقوق ومهام الفاعل الجامعي بالمؤسسة.

وبدوره، كان دائما مصطفا مع عناصر فريقه بعدم معاقبتهم وإعفائهم من مهامهم رغم الشكايات والتظلمات ضدهم. فالمادة الأولى من الدستور، التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة، لا وجود لها على أرض الواقع ولا يتم تفعيلها بتاتا بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء وبالمؤسسات التابعة لها.

وهنا وجب توضيح الفرق الشاسع بين المشاريع المقدمة من طرف المرشحين لشغل منصب رئيس مؤسسة جامعية والتسيير الفعلي عند تقلد المسؤولية ، فمن خلال تصفح مشروع أي مرشح لشغل هذا المنصب بكل الجامعات العمومية المغربية، سنقف عند تصور هائل لتنمية المؤسسة، باستعمال مفاهيم الحكامة الجيدة، التطوير المعرفي، النهوض بالبحث العلمي، احترام الهياكل والحقوق، تشجيع الاتفاقيات على المستوى الوطني والدولي، تحسين جودة العطاء البيداغوجي والعلمي، العمل على إدماج الطلبة المتخرجين على ولوج سوق الشغل، الخ…

فاختيار وترتيب المرشحين على أساس مشروعهم ما هي إلا ذريعة و إجراء شكلي بحيث أن المشروع سيتم رميه بسله المهملات عند الظفر بالمنصب وأن قناع المنقذ، الذي سيخدم ويطور المؤسسة، سيتم إزالته والكشف عن الوجه الحقيقي كما هو شأن كلية الحقوق بالمحمدية ومؤسسات جامعية أخرى والتي كان على رأسها نماذج ديكتاتورية” بينوشيه وتشاوشيسكو”. فعوض المساهمة في تسريع التغيير والصراع الطبقي، أصبحنا نتفرج على تطاحنات داخل المؤسسات الجامعية وحرب شرسة لتقلد المناصب. « La lutte pour les places a remplacé la lutte des classes » .

والغريب في النازلة أنه أصبح للأستاذ الباحث وفق هذا المخطط الجهنمي، هاجس واحد وطموح محدود يتلخص في الجري و اللهات وراء المواقع و المناصب وتحمل إحدى المسؤوليات الإدارية سواء على رأس مؤسسة جامعية أو بإحدى الإدارات العمومية.

وطلق الى غير رجعة الانشغالات و الهموم النبيلة المفروض تكريس كل الوقت والجهد من أجلها. وهي انشغالات وقضايا البحث العلمي و المساهمة في كل المشاكل المجتمعية و الإسهام من أجل دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع والسهر على بلورة نموذج لتحقيق التنمية الاجتماعية و الاقتصادية و الرفاهية ضمانا وصيانة للحقوق و العيش الكريم للمواطنين بدل التهافت على الوزيعة و الفتات.

فبعد أن تكرست سابقا صورة الأستاذ الجامعي كمناضل ومثقف عضوي بالمفهوم الغرامشي يسخر كل وقته وهمومه للانشغالات العلمية والقضايا المجتمعية والتفاعل مع القضايا الوطنية والعالمية المرتبطة بحقوق الإنسان وتحرر الشعوب من الاستعمار و التبعية للدول القوية في إطار تقسيم دولي للعمل، أصبح الأستاذ، للأسف، ضحية مسلكيات تستهدف الترقي الاجتماعي وشراء النخب وتدجينها باعتماد أساليب متنوعة و التسلق السريع و الإشادة بالوصولية الانتهازية كقيم جديدة مهما يكن الثمن على حساب المبادئ و الحقوق و الواجبات و القيم الحقيقية المتمثلة في نكران الذات والتضحية و الجدية في التكوين و البحث العلمي والتشبث بقيم الكرامة ومواجهة كل أشكال التسلط والاستبداد دفاعا عن الحرية وصونا للحقوق .

قد ولى زمان كان فيه المثقف الجامعي يرفض الاستوزار وتحمل جميع المسؤوليات وكان يرهن وجوده كمثقف لا يجري وراء المناصب. ويؤثر نفسه كمنارة للعلم والمعرفة وتأطير الطلبة واضعا نصب عينيه المساهمة في التغيير، عكس ما نعيشه اليوم حيث ان كلمة أستاذ جامعي فقدت لمعانها وأصبحت صورته مبخسة ومقزمة في إطار استراتيجية ترمي الى ضرب قطاع التعليم العالي كقطاع عمومي والمس بسمعة الفاعلين ومكانتهم داخل المجتمع.

بينما تحضرنا نماذج مغايرة في المجتمعات المتقدمة لصورة المثقفين ورجال السياسة عبروا عن نزاهتهم واستقامتهم برفضهم لتحمل مسؤوليات او الاستقالة منها ارتباطا بقناعاتهم وتشبتهم بمواقفهم المتصلبة تعكس تمثلهم الحقيقي لدورهم اتجاه قضايا مجتمعاتهم و المنفعة العامة. وهنا يجب استحضار أسماء لها دلالة كالاشتراكي جاك دولور الذي شغل منصب رئيس اللجنة الاوربية، والذي رفض تزكية الحزب الاشتراكي كمرشح وحيد بدون منافس للانتخابات الرئاسية الفرنسية لسنة 1995 رغم أنه كانت له حظوظ وافرة للفوز بهذا المنصب.

وكذا جان بيير شوفينمون الذي قدم استقالته ثلاث مرات من منصب وزير بالحكومات الاشتراكية الفرنسية ومن أبرزها استقالته كوزير للدفاع تنديدا بمشاركة فرنسا في التدخل العسكري خلال حرب الخليج (1991) ؛ ثم مارتين أوبري التي استقالت من وزارة التضامن والشؤون الاجتماعية بحكومة ليونيل جوسبان سنة 2000 للتفرغ للانتخابات البلدية وشغل منصب عمدة ليل.يجب الاشارة كذلك الى استقالة وزيرين (مونبورغ وهامون) بحكومة فالس، تنديدا بالتوجه الليبرالي للسياسة الاقتصادية خلال ولاية الرئيس الفرنسي الاشتراكي هولاند. فاللائحة طويلة لمثقفين ورجال السياسة، عبر العالم، الذين اعتبروا المسؤوليات والمساهمة في تدبير الشأن العام من باب التضحيات المستمرة على حساب الحياة الخاصة.

في هذا الإطار، يجب المراهنة على الأساتذة المشهود لهم بالكفاءة والاستقامة عوض إغراق الجامعة بالمتهافتين على الامتيازات الشخصية وتبذير واستغلال موارد الجامعة وميزانياتها (تجاوزات في السكن وفاتورة الماء والكهرباء، استغلال السيارات والبنزين لأغراض شخصية وعائلية، فاتورة المطاعم، تجهيزات ومعدات، تضخيم التعويضات ومصاريف التنقلات والسفريات، عدم شفافية الصفقات وتمويلات المشاريع…)، ولهذا يجب القطع مع النموذج الانتهازي والوصولي بتشجيع، لشغل منصب رئيس مؤسسة جامعية، أساتذة يضعون كل أولوياتهم وجهودهم لخدمة الصالح العام ضدا على ما تعيشه مجموعة من المؤسسات الجامعية من تفشي مظاهر المحسوبية والزبونية في إطار نظام الامتيازات والجزاءات.

فالمفروض في رؤساء الجامعات و مجالسها اتخاذ كل التدابير لوضع حد لهذا النزيف الذي يضر بالتعليم العالي و البحث العلمي، بالحرص على احترام وتفعيل مبادئ تكافؤ الفرص وعدم التطاول على اختصاصات الهياكل و التقيد بالنصوص القانونية خدمة للصالح العام و الإشعاع العلمي و المعرفي .

فعلى المسؤولين عن قطاع التعليم العالي و البحث العلمي و الأساتذة الباحثين والفعاليات السياسية و النقابية أن يتحملوا كافة مسؤولياتهم لإنقاذ الجامعات و مؤسساتها ومحاربة كل مظاهر التسيب و التسلط ومحاسبة من يعبث بالمسؤولية ويستغلها لتحقيق مآرب شخصية وخدمة أجندات أولياء النعمة و الأطرف النافذة و المؤثرة.

فعندما نسجل كيف أن مجموعة من المؤسسات الجامعية بالمغرب أضحت أماكن للتوثر واستغلال المهام وتجاوز الهياكل الجامعية واقتراف ممارسات منافية للقانون في غياب تام لإجراءات المحاسبة، نتسائل عن ما هو الدور الحقيقي لرئيس مؤسسة جامعية، بحيث أنه في حالات كثيرة يصبح هو العامل الأساسي للعرقلة والمحرض على الصراعات الضيقة والمصلحية داخل المؤسسات .

ففي ظرفية جد صعبة، تتسم بتمرير القانون الإطار 17-51 لنظام للتربية والتكوين والبحث العلمي دون مقاومة سياسية ونقابية وباستياء عارم اتجاه هيمنة الوزارة الوصية ومحاولات فرض منظومة الاصلاح البيداغوجي، فعن أي إصلاح جامعي نراهن في ظل إسناد المسؤوليات لنماذج انتهازية والتسلط واستغلالها بدون حسيب ولا رقيب، وتهميش التمويل العمومي بتشجيع تبضيع وتسليع المعرفة وكل مناحي العمل الجامعي من خلال تكوين مستمر ريعي وضرب المجانية وتكثيف الاتفاقيات والشراكات مع القطاع الخاص باعتبار قطاع التعليم كنشاط اقتصادي مذر للأرباح. زد على ذلك خنق الحرم الجامعي بالحد من الحريات العامة ضدا على الاشعاع المعرفي والعلمي وتجيش نماذج البلطجية والتسييج الحديدي والاسمنتي…

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى