في الواجهةمجتمع

بولمان: عزلة وفقر… هكذا يئن سكان جبال الأطلس تحت وطأة البرد القارس

isjc

السفير 24 / كادم بوطيب

خلف هذا البياض الناصع الذي زار إقليم بولمان خلال هذا الأسبوع تختفي معاناة حقيقية لسكان جبال الأطلس، الذين ينقطعون عن العالم الخارجي كلما حل فصل الشتاء. انقطاع الطرق وتساقط الثلوج وانخفاض درجات الحرارة والعزلة التامة، كلها معاناة رصدناه.

وتعيش عدة مناطق وقرى نائية في إقليم بولمان وخاصة ايموزار مرموشة وألميس وانجيل وكيكو وأيت كرموص والعرعارة وأولاد علي ويوسف وتيوانست…هذه الأيام حالة عزلة مطلقة عن محيطها بسبب موجة البرد القارس والصقيع والتساقطات الثلجية الكثيفة التي تضرب المنطقة هذه الأيام، بسبب انقلاب الطقس وارتفاع مستوى تساقط الثلوج في منطقة الأطلس المتوسط . وفي ظل هذه العزلة التي يعيشها سكان العشرات من القرى والبوادي، لنا أن نتصور قسوة العيش وصعوبة الحصول على المؤونة والمعدات اللازمة للحياة والأغطية بالنسبة إلى آلاف الأسر البسيطة والمهمشة في رقعة المغرب المنسي.

فقد حاصرت الثلوج مناطق متعددة،مما جعل من الصعب إيصال المساعدات اللازمة إليها، لأن هذه المناطق المعزولة لا تصلها الآليات التي تنقل تلك المساعدات، حسب تصريحات مسؤول بوزارة التجهيز والنقل؛ وهناك مبادرات إنسانية تقوم بها هيئات المجتمع المدني في تلك المناطق لمساعدة المتضررين، لكنها تبقى محدودة بسبب محدودية الإمكانيات.

الحياة القاسية لهؤلاء السكان في إقليم بولمان لا تعرف المبررات الحكومية، فما يحصل هو حالة طوارئ فرضتها الطبيعية، ومن واجب الحكومة أن تتوفر على وسائل التعامل مع هذه الطوارئ بدل الاستسلام وتعليق العجز على غياب الإمكانيات. ولإنقاذ هؤلاء السكان، الذين منهم الأطفال والعجزة والمرضى وأصحاب الحالات الصحية الصعبة، كان على الحكومة التفكير في استخدام الطائرات المروحية لإيصال المعونات والمساعدات والمواد الغذائية إلى السكان المحاصرين، لأن استمرار هذه المعاناة قد يؤدي إلى نتائج خطيرة، خصوصا إذا توالت التساقطات الثلجية واستمرت موجة الصقيع في ضرب هذه المناطق.

وإن من يزور لأول مرة منطقة بولمان وميسور ويتقرب من السكان، وخصوصا الأطفال، سيرسم صورة سوداء على الدولة المغربية، ومن خلالها على المسؤولين الذين يسيرون شؤون المجالس المنتخبة بالمنطقة، بسبب الوضع المعيشي لهؤلاء الأبرياء الذين كتبت لهم الأقدار أن يكونوا حراس الوطن في هذا الجزء من التراب؛ وذلك بفعل حالة من التخلف التنموي جراء الركود والجمود الذي طال أمده على مستوى المشاريع التنموية بالمنطقة.

في بعض الدواوير بإقليم بولمان قد تشاهد أطفال صغار في عمر الزهور، ملامح وجوههم تغيرت بفعل العوامل الطبيعية وإهمال البشر، حتى صار صغير السن يشبه الكبير. ومهما حاولنا، لن نستطيع إيصال الصورة الحقيقية لمعاناة هؤلاء الأطفال، كون مثل معاناتهم لن تجد لها مكانا حتى في الدول التي تعاني اليوم من الحروب.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى