كتاب السفير

الأستاذ المُصَاحِبُ و حاجته إلى .. “المُصاحَبة” !

isjc

* الصادق بنعلال

1 – لا ننظر إلى الحجم الكبير من المذكرات المرسلة إلى المؤسسات التعليمية نظرة سالبة ، إذا كانت وليدة استقراءِ علمي للمنجز التربوي ، و دراسةِ مستفيضةِ و متأنية لأعطاب و اختلالات المنظومة التربوية ككل ، كما أننا لا نرى أي نقيصة في مواكبة مستجدات الثقافة البيداغوجية الدولية ، التي لا تتوقف عن المساءلة و استشراف راهن التعليم باعتباره أساس “الإقلاع التنموي الشامل” ، و قاطرةً تسير باتزان نحو القمة و الرقي! سبب نزول هذه الإشارة التمهيدية هو النماذج الكثيرة من هذه المذكرات ، التي استقبلتها مؤخرا المدارس الابتدائية و الثانوية بنوعيها الإعدادي و التأهيلي ، و على رأسها مذكرة الترشح لمهام الأستاذ(ة) المصاحب (ة) بالأسلاك التعليمية الثلاثة الصادرة تحت رقم: 16/95 بتاريخ 3 نونبر 2016 . فما هي المضامين العامة التي تحملها ؟ و ما هي الانتظارات و الآفاق التي ترنو إليها ؟ و هل تطابق هذه المذكرة واقعنا التربوي و التعليمي ، و تساير إشكالاته و طموحاته ؟

2 – لأول وهلة ندرك أنها مذكرة ذات صلة “بالمصاحبة و التكوين عبر الممارسة” ، تستهدف تأهيل المدرسات و المدرسين للقيام بمهامهم التربوية ، و تعزيز نموهم المهني و السعي نحو الارتقاء بالتجديد التربوي ،على أساس أن يقوم بهذه الوظيفة بالغة الأهمية مدرس بمواصفات نوعية ، أقلها اكتساب الخبرة في التدريس و حسن الإنصات و التواصل و القدرة على اتخاذ المبادرة ، و التسلح باستراتيجية  التجديد المستمر . لكن ما هي أبرز المهام الملموسة و الموضوعة على كاهل الأستاذ المصاحب الساعي إلى المساهمة في تكوين الأستاذات و الأساتذة ، و مرافقتهم في تحقيق الجودة التربوية المنتظرة ؟

3 – هناك خمس مهمات محورية يرتقب أن يتكفل بها الأستاذ المصاحب حسب المذكرة المعنية بالأمر ، و هي على التوالي : مرافقة المدرسات و المدرسين بغية تشخيص صعوباتهم و العمل على تخطيها في سياق من الثقة و التعاون – المساعدة على تأطير المتعثرين منهم و اجتراح حلول كفيلة بمعالجة الاختلالات المشخصة – العمل على تدقيق احتياجاتهم في إطار التكوين المستمر – تبادل التجارب المهنية المتميزة – المواكبة الصفية و تقديم العون البيداغوجي و الديداكتيكي للأستاذات و الأساتذة التابعين للأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين ، كل ذلك تحت إشراف المفتشين التربويين و بتنسيق مع مديرات و مديري المؤسسات التعليمية ..

4 – على ضوء ما سبق يمكن استخلاص “حقيقة ” لا غبار عليها ، مفادها أننا أمام خطوة تربوية بالغة القيمة ، نجاحها قد يساهم إلى جانب المكونات الأخرى في تسهيل مأمورية السيدات و السادة المدرسين ، شريطة أن يكون الأستاذ المصاحِب هو نفسه مصاحَبا بحزمة من الإجراءات البنيوية إداريا و معنويا ، تكون سندا و تحفيزا له على العطاء و التضحية في مهمته العظيمة ! فبقدر ما ركزت مضامين هذه المذكرة على اصطفاء خيرة المدرسات و المدرسين ، المشهود لهم بالكفاءة المعرفية و البيداغوجية و التواصلية ، و التميّز على مستوى التخطيط و الأجرأة و بناء مشروع تربوي سنوي متكامل العناصر .. بقدر ما أن الحاجة ماسة إلى العناية الاستثنائية بِبُناةِ المستقبل ، و مُعِدّي عقولِ الغد القادرين وحدهم على إحداث الانعطافة الآمنة في اتجاه النهضة الهيكلية ، و الثورة السلمية في مضمار التقدم العلمي و الاقتصادي و الاجتماعي .. إن الأستاذ المصاحِب بالمعايير المشار إليها آنفا عُملة نادرة ، لا يمكن العثورُ عليها إلا بعد عناءِ البحث و الكدّ و المساءلة ، و أن المُدرّس الذي يستجمع كل تلك المواصفات الاستثنائية الفريدة ، يستحق حَدَباً بالغا و اهتماما مخصوصا ، على المستويين الاعتباري و المادي . إذا أردنا حقا إحداث طفرة مفصلية في المعطى التعليمي ، لا بد من مكافأة أصحاب العقول النيرة  و ذوي الخبرات و الكفاءات الفائقة ، و إلا سنظل نصوغ المذكرات الحافلة بالنوايا الحسنة و المحتويات النبيلة ، و الفقيرة من حيث القابلية للترجمة الفاعلة على أرض الواقع ، و .. “هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون ، إنما يتذكر أولو الألباب “.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى