أقلام حرة

أزمة منظومة تربوية‎

isjc

* الطاهري الشرقي

لا شك أن الرهان المجتمعي على إصلاح المنظومة التربوية هو رهان موضوعي ومشروع . فمنظومة التربية والتعليم في أي مجتمع تعد إحدى القاطرات الكبرى لمشاريع التنمية المستدامة من خلال تكوين الرأسمال البشري الذي يمثل إحدى الدعامات الأساسية لكل نهوض اقتصادي ورقي اجتماعي وتنمية بشرية، وهذا ما جسدته على أرض الواقع كثير من التجارب المتميزة في شتى أنحاء المعمورة . بيد أن الحديث عن إصلاح منظومة التربية والتعليم باعتبارها قاطرة أساسية للتنمية لا يمكن أن يقف عند أبعاده الكمية بل يجب أن يتعداه إلى المراهنة على النوعية والجودة، وذلك عبر تأهيل الموارد البشرية القادرة على الاندماج في محيط اقتصادي عالمي يتسم بالمنافسة الشرسة وتطبعه رهانات وتحديات العولمة وتنامي اقتصاديات المعرفة. كالمناهج التي يجب أن تعيش تغييرا حقيقيا لا يقتصر على الطبعات ولكن يمتد إلى ما تحمله تلك المناهج الكبيرة والثقيلة.

وكذلك طرائق التدريس هي الأخرى تتطلب تغييرا، فالتلقين في الفصول والرتابة في الجدول اليومي باتت من الأمور التي تساعد على فشل النظام التعليمي بالمغرب، من دون أن يعني ذلك أن وظيفة المدرسة المغربية ستنحصر في تمكين المتعلمين من كفايات تستجيب لمتطلبات عالم الشغل، فمحددات الجودة التعليمية المنشودة تتمثل أيضا في تمكين المتعلمين من كفايات لغوية وتواصلية تؤهلهم للتعبير عن ما يطالعنا به مجتمع المعرفة وتجعلهم فاعلين اجتماعيين متشبعين بالقيم الأخلاقية والروحية والإنسانية وبقيم المواطنة الإيجابية في بعدها المحلي والعالمي، بل أضحت منظومتنا التعليمية تحت وطأة سياسات واستراتيجيات ومخططات الجهات المسؤولة التي تسير خبط عشواء منذ عقود.. فاتضح مع مرور الوقت بأنها لا تريد تعليما ناضجا فعالا، لأن مسؤوليها لا يحرصون إلا على كراسيهم… فالأحزاب تفرز حكومات لا تريد لجل فقراء البلد أن يحصلوا على المعرفة الضرورية التي تعتبر أهم مصادر الإنتاج..

وهذه السياسة الفاشلة و الأنانية تقف وراء التقهقر التعليمي الذي يجنح إلى الهيمنة على الرأسمال المادي ويميل لترجيح كفة كل ما هو مالي على حساب المعرفة والكفاءة والمسؤولية والضمير المهني..

• فطبيعي أن تفرز لنا هذه السياسة .. تعليما فاشلا بكل المقاييس .. وما يرافقه من احتقان اجتماعي من قبل المشتغلين في الحقل التعليمي، من احتجاجات والتي ليست كغيرها من الاحتجاجات، فأبطالها يرفضون أن يستبدلون زعماء (التنسيقية) بزعماء (نقابات) ظلت تزعم على مدى زمن طويل بأنها لسان حال الكادحين وتشهر سلاح مزيفا في وجه الحكومات المتعاقبة .. إلا أن” التنسيقيات” الحديثة يمكن اعتبارها تاريخية بلا شك، اذن لا غرابة، طالما أن هؤلاء الزعماء الجدد “أساتذة التعاقد” كما يلقبون .. والذين كلهم مجازون في القانون والادب والعلوم وباقي التخصصات ومنهم حملة ماستر … وفئة منهم باحثون في سلك الدكتوراة … واللائحة تطول. ….

تعددت شعاراتهم بتعدد الوجوه والمواقف ولكنهم متوحدون في الشكوى من جور الحكومة والوزارة الوصية على القطاع … فنكلوا بهم بخراطيم المياه والهراوات وكلاب شرسة وكأنهم مجرمون بل ظلت رسالتهم هو أن الانسانية والإرادة لا تتكسران عندما يتعلق الامر بالكرامة، وإلا نسانية والحق في الوظيفة العمومية والشغل كما يكفلهما الدستور المغربي . …

محتجون كثر مروا من هنا ولكن على الوزارة الوصية والحكومة أن تكتب تاريخا جديدا للنضال، من قبل جحافل محتجين قضوا مضاجع المسؤولين بعقر مقارهم بالرباط، لما ضاقت بهم ساحات مديريات اللأقاليم في حين اتسعت لهم شوارع الرباط.

فهل من ضمير حي ينصت لآهات المحتجين؟؟؟؟ وتحية نضالية عالية لأساتذة التعاقد كما يسمونهم.

مدرس ،وباحث في سيميائيات تحليل الخطاب *

[email protected]

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى