أقلام حرةفي الواجهة

8 مارس .. نار مهيلة لأرامل شهداء الصحراء‼

isjc

* العيرج ابراهيم – ابن شهيد 

و إن كانت طرق الاحتفال تختلف في العالم كل سنة في الثامن من مارس باليوم العالمي للمرأة، احتفاء بدورها عامة وتضحيتها خاصة، فإنها تلتقي جميعا في تقدير المرأة والاعتراف بدورها، ليس فقط كقوة عمل مستغلة من طرف الرأسمالية و لكن لما تقوم به كذلك على مستوى رعاية البيت و التربية…

فإذا كانت النساء في بلدان أخرى خرجن مرارا للشوارع قصد المطالبة بحقوقهن و المساواة مع الرجال، خصوصا العاملات منهن في مختلف الوحدات الانتاجية و على رأسها النسيج، حيث مثلا تعرض عدد منهن –قرابة 130 عاملة- للحرق داخل وحدة للنسيج جراء عدم اتخاذ إجراءات السلامة … فإن نساء أخريات في بقاع أخرى من العالم و ما يخصنا هنا أرامل شهداء حرب الصحراء و أسرهن في بلدنا العزيز قد وضعن في أفران على نار مهيلة منذ أربعين سنة جعلن حطبا لها، لازالت ألسنة لهيبها الحارقة مستعرة و مستمرة تحصد سنويا المئات منهن و من المتضررين من ذوي حقوق الشهداء ، كما ترهن مستقبل العديد من الأيتام، وكلما شارف لهيبها على نهايته، يتم إذكاؤه من جديد .

فمنذ بداية سقوط الشهداء دفاعا عن الوطن خلال المعارك الطاحنة التي خيضت ضد العدو –جبهة البوليساريو- مسنودا من طرف أعداء الوحدة الترابية داخليا و خارجيا ، قد تعرضت أرامل الشهداء على مدى عقود طويلة بشكل لم يسبق له نظير لوضع معاناتهم –قضيتهم الحقوقية- داخل أفران عبر جميع مؤسساتها لتستحيل رمادا تذروه الرياح، رغم أنهن شاركن مرغمات، و لجهلهن في أحايين كثيرة في جميع الاستحقاقات التي شهدتها البلاد ، إلا أن ذلك لم يشفع لهن و لأيتامهن لأخد أوضاعهن المأسوية بعين الاعتبار من طرف جميع الفاعلين و المتدخلين في كل ما له علاقة بقضيتهن المرتبطة أصلا بالقضية الأولى، و العمل على إيجاد حلول عملية لها بدل تركها لعامل الزمن تهربا و تخوفا من المتابعة.  

فالأرامل تقدمن في السن و أصبحن هياكل بشرية تحتضر بفعل ما مورس عليهن من ضغوطات نفسية ومن ترهيب و تخويف، و تحرش منذ استشهاد أزواجهن دفاعا عن الأرض و الشعب لينعم الجميع بالسلم و الأمن، في استغلال لجهلهن وعدم درايتهن بحقوقهن و أيتامهن المغتصبة قسرا و المفوتة ظلمانا و عدوانا للخونة و الجلادين ممن قتلوا و ذبحوا و الذين لازالت أياديهم ملطخة بدماء الشهداء الزكية، بمباركة و تزكية تجار الحروب من خونة و أعداء الداخل، و في استغلال أيضا لفرصة صغر الأيتام – فالعديد من أعداء الداخل كانوا يتمنون بقاء أيتام الشهداء أميون بدون تعلم خوفا من مطالبتهم بحقوق آبائهم الشهداء- و عدم نضجهم للترافع عن حقهم المسلوب، الذي تم الالتفاف عليه رغم تعليمات الأمراء و أوامر الملوك…

فالملاحظ بعد سنوات من الجشع و الاستغلال البشع لأوضاع أرامل الشهداء و أيتامهن و بدل الاحتفاء بهن كباقي دول العالم في الثامن من مارس كل سنة ،و بعد اشتداد عود الأيتام و بداية اشتغالهم على قضيتهم و فضح كل من له يد في هضم حقوقهم و من تسبب في معاناة الأمهات ، أن المتسببين من مدنيين و عسكريين في مأساة الأرامل و أسرهن و ذوي الحقوق عامة بدل العمل على إنصاف هذه الأسر و جبر ضررها أسوة بالتجارب السابقة في هذا الصدد ، انتقلوا للدرجة القصوى في رفع درجة حرارة الفرن تأمينا لمستقبلهم و تحصينا لامتيازاتهم التي حققوا بسببها ثراء غير مشروع، محاولين في نفس الوقت بكل ما أوتوا من نفوذ و سلطان، الحيلولة دون ذوي الحقوق من إيصال صوتهم للمطالبة بحقوقهم العادلة و المشروعة التي اعترف بها و أقرها الملوك و الأمراء و خالفها بل ضربها عرض الحائط التابعون.

فقد كان من باب أولى على الأقل أن تقوم المؤسسات المكلفة بالرعاية الاجتماعية التي أحدثت لهذا الغرض و لو أنها كما نقول دائما لا تحمل من مهامها و صلاحياتها إلا الاسم، أن تعمل سنويا بمناسبة اليوم العالمي للمرأة على تكريم أرامل الشهداء عرفانا و تقديرا لتضحية أزواجهن، و لما قمن به في سبيل تربية الأبناء ،و تحمل أعباء الحياة بكل صعابها و همومها عوض تبادل الورود و الهدايا و تناول الشكولاطا داخل اسوار الحجرات و مقرات هذه المؤسسات …

أختم و أقول إن أبناء الشهداء فينيق سينبعث من رماده…

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى