أقلام حرةفي الواجهة

إقرار بالفضل في زمن كورونا : رسالة أم إلى مدرسة أبنائها

isjc

* بقلم : والدة تلاميذ يدرسون بمدرسة ادريس بنزكري الإبتدائية بتمارة

حاولت استهلال رسالتي هاته بكلمات منمقة و بحثت عن نماذج رسائل شكر لكي أحاكي أسلوب صياغتها ، لكن كلها تبدو باهتة ، لا تصف ما أشعر به و ما أريد التعبير عنه، عجزت اللغة و بدت القواميس فقيرة أمام ما أريد قوله.

عفوا إن كان رصيدي اللغوي و ترتيب الكلمات و تركيب الجمل لن يرقى إلى ما يستحقه أطر و أساتذة مدرسة ادريس بن زكري الإبتدائية بتمارة.

بداية كل عام دراسي يتوافد آباء و أولياء التلاميذ نحو أبواب المؤسسة لتسجيل أطفالهم و الاطلاع على استعمال الزمن و أسماء المدرسين و أرقام قاعات التمدرس، إجراء عادي تعيشه جميع المؤسسات التعليمية بالمغرب، لكن الإستثناء في هذه المدرسة هو في طريقة تدبير تسييرها.

و أول إنسان أريد تقديم شكري و امتناني و اعتزازي به، رجل تبدو ملامحه صارمة يقف عند بوابة المدرسة ينظم الصفوف و يجيب عن التساؤلات، و رغم الحدة البادية عليه إلا أنه يتميز بحس أبوي نادر، قريب من الجميع لا تفوته صغيرة و لا كبيرة، إنه دعامة النظام داخل المدرسة، خالد الفارابي، أشكرك و أعتبرك أب روحي لأطفالي، كنت خير أمين عليهم ، موجه و مربي و عين حارسة لا تغفل ، تستحق تكريم وطني، لأنك نموذج للإنسان المتفاني و الجاد في عمله.

و الأخت ليلى مساعدة المدير ذات الوجه الصبوح، و الإبتسامة التي لم نر غيرها تزين وجهها، أخت الجميع و ابنة الجميع و أم لكل الأطفال، تستقبلك بصوت هاديء خافت، لا تحس في حضورها بحرج أو ضيق، تقوم بعملها سريعا بانضباط و اتزان و سلاسة تحسب لها، شكرا ليلى ضياء المدرسة و نبضها.

و المدير حسن أوفر الشامخ الجاد ، صرامة و قوة شخصية و ثبات حتى في أكثر المواقف تعقيدا، متمكن ، يراعي مدرسته من كل جوانبها، متحكم في إدارتها، حنون و مطلع على ظروف كل طفل و متفهم ،شكرا يا قائد النجاح .

الآن ستبدأ دموعي تتجمع ، و لا أقوى على ردعها، لأني أحس بالعجز حقا عن إيجاد كلمات شكر و وصف عمل المعلمات و المعلمين، خصوصا في ظل الظروف التي يمر منها العالم تحت ظلال جائحة فيروس كورونا ، فليخبرني أحدكم كيف يمكنني شكر معلمة تؤطر أطفالا داخل مجموعة واتساب كل يوم بدون تدريب سابق أو آليات تربوية، هذا احتراق بالمعنى الحرفي.

أتابعهم كل يوم ، يقضون الساعات وراء هواتفهم، يقاتلون لأجل إكمال رسالتهم السامية و الأقدس بين جميع الرسائل، جنود في مقدمة خطوط النار، يعملون بصمت.

كل يوم نرى التنويه بأطر الصحة و عناصر الجيش و الداخلية و النظافة، و غيرهم في قطاعات أخرى… نعم لن ننكر فضل هؤلاء في مقاومة الفيروس و حماية أمن و اقتصاد البلاد، لكن المعلمين عملهم أقوى و أجل، لأنهم من يقومون برتق الشرخ الذي تحدثه الجائحة في تاريخ البلاد، يجمعون البارحة بالغد ، حتى لا تبقى فجوة بينهما نفقد معها ما لا يمكن تعويضه، استمرو في تعليم الأطفال لأنهم المستقبل، تابعوا تكوين لبنة الغد بتفاني و عزم.

حين أسمع صوت الأستاذة فوزية الهواري، و البحة التي تلازمه التي تسبب بها الإجهاد، و هي تخاطب التلاميذ و تشرح و تسأل عن هذا و ذاك ، أرفع يدي إلى السماء و أدعو الله أن يجعل العلم الذي تعلمه هي و كل المعلمين صدقة جارية إلى يوم الدين، أستاذة لا يمكن وصفها إلا بالشعلة النابضة بالحياة، فارسة مقاتلة، على صهوة الإجهاد و التحدي و العزم، رغم الصعوبات و العراقيل لم تتغيب ولو يوم واحد عن موعد الدرس منذ أن أوقفت الوزارة الدراسة إضطراريا، لكنها استمرت تدرس تلاميذها عبر الهاتف، دأبت على إلقاء التحية تخاطب الأطفال بأسلوب الأم التي يتدفق من قلبها ينابيع الحب و الأمل في نجاح أبنائها، أشكرك فعلا و حقا و أبدا لأنك تفعلين ما عجزت أنا الأم عن فعله، أقبل رأسك و يديك تقديرا و احتراما و تبجيلا و أنحني لك و لكل أستاذ و معلم يعمل بقلبه و فوق طاقته لأجل إتمام رسالته.

شكري للأستاذة فوزية الهواري مقرون بشكري للأستاذة زينب الزين و الأستاذ خالد شكري ، و الأستاذة رجاء أشرشور، و الأستاذة أحلام جلال و الأستاذة عائشة، كنماذج للتفاني و عدم استحضاري لباقي الأسماء ليس تقليل منهم بل لا تحضرني أسماؤهم فقط، كل واحد منكم بإسمه داخل مدرسة ادريس ابن زكري الإبتدائية بتمارة .

شكري و تقديري لكل معلم و أستاذ بالمغرب بأقصى البوادي و بقلب الحواضر، شكرا يا أبطال الظل، شموع البلاد التي تحترق بصمت، شكرا لكل ثانية تسخرون فيها إمكاناتكم و وقتكم لأجل ابتكار أساليب تعليمية مرنة حتى يستمر التعليم و العلم و العطاء ، و علمكم لن ينقطع ثوابه ، فعمل ابن آدم ينقطع إلا من ثلاث و أحد هذه الثلاث علم ينتفع به، و أنتم أصحاب العلم النافع، سيسجل التاريخ قصة الجائحة و ستدرسها الأجيال القادمة في المقررات، و ستكونون في صفحات التاريخ الأولى، و سيسطر عليها بمداد من ذهب أن المعلمين قاتلوا بشراسة لأجل بلادهم.

أحبكم في الله

أم تقر بفضل المعلمين على بلادها و أبنائها.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. نعم بالفعل فالمعلمين والتربويين يحاولون قدر الامكان تعويض التلاميذ خلال هذه الفترة وعدم ترك الفراغ الكلي في العملية التعليمية للتلاميذ المستفيدين من التعليم الخصوصي ،لكن ماذا عن التعليم العمومي هل كل الاساتذة منخرطون في هذه العملية وبنفس الكيفية كما في التعليم الخصوصي ،هذا على مستوى المدن فبالاحرى على مستوى البوادي والمداشر / نكذب على انفسنا ان قلنا بان التلاميذ تتاح لهم الفرص في ضل هذه الظروف وان كل رجال التعليم منخرطون بنفس الروح ونفس المسؤولية .فقد تجد ان الكثير منهم في التعليم العمومي وكانهم في عطلة مفتوحة ولم يتخدوا اي بادرة لمساعدة تلاميذتهم “مع كل الاحترام والتقدير لكل الاساتذة الذين وظفوا امكاناتهم الذاتية وسهروا على اداءالرسالة “تحياتي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى