سلسلة شهداء حرب الصحراءفي الواجهة

في زمن الحرب والجوع

isjc

بقلم:  ليلى اشملال

اليوم هو يوم حظ بالنسبة لي، لقد بعت ما يقارب صندوقين من السردين، إنها تجارة مربحة مقارنة مع بيع السجائر وتلميع الأحذية وبيع “الميكا” في سوق الخميس حينما كنت صغيرا.

توجهت صوب “السي حمد” جزار الحي، إشتريت دجاجة كاملة، هذا أول ما اشتريته بالنقود التي جنيتها، ستكون مفاجئة جميلة لإخوتي، فدائما مايشتهون “الدجاج المحمر و الفريت” ، لكنهم كانو يجدون أنفسهم مضطرين دائما لتناول الخبز وشرائح البصل وبعض حبات السردين التي كان يجود بها علي صاحب “الكروسة”.

دخلت للمنزل متوجها صوب المطبخ، فرحت أختي كثيرا لأنها ستطهو الدجاج على الغذاء وستذكر ذلك أمام رفيقاتها في الحي اللواتي لا يقلن عنها شأنا، أن تطبخ الدجاج المحمر برفقة البطاطس المقلية على الغذاء أو العشاء يعد هذا وليمة في حينا الفقير والمهمش، وهذا ينطبق أيضا على باقي الأحياء والأزقة الشعبية الأخرى التي يخوض أبناءها حربا مع البطالة وتتعارك فيها أرامل الشهداء مع الحياة.

مازالت أمي تتخد من “حرفة الشوافة” مصدر رزق لها، لقد استطاعت جمع نصيب لا بأس به من المال لبناء منزلنا غير المكتمل والذي بقي على حالته بعد استشهاد أبي الذي فنى عمره كاملا لأجل ضمان منزل لنا، كأنه كان على علم مسبق بأن الوطن لن يكلف نفسه مشقة البحث عن مأوى لأبناء وزوجات الشهداء الذين سيضطرون إلى الخروج للشارع بعد عجزهم عن تغطية مصاريف الكراء، الماء والكهرباء.

فطومة أو “لالة السعد” كما تناديها النساء اللواتي يترددن عليها أملا في حل مشاكلهن الزوجية، هل هذا اللقب يليق فعلا بأمي!؟ لقد كان يزعجني كثيرا كلما سمعت إحداهن تردده أما باب منزلنا لتتأكد من وصولها إلى العنوان الصحيح الذي غالبا ما ستكون قد أمدته لها إحدى النساء اللواتي ترددن على المنزل قبلها.

لقد قررت كثيرا أن أفاتح أمي بهذا الموضوع وأن اقنعها بترك أمور “الشعودة” لأن الله لن يبارك في أموالها، لكنني لم أملك الجرأة الكافية في قول هذا لها رغم كل ما أتعرض له من سب وشتم وتلميحات مزعجة من أبناء الحي كوني إبنا لـ “شوافة” أو “ولد السحارة” كما يحبون مناداتي.

يتبع..

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى