كتاب السفير

رسالة هادئة إلى السيد باشا منطقة سيدي يوسف بن علي بمراكش

isjc

السفير 24 | ياسين مهما

الجميع يدرك أن تاريخ الفراشة بحي سيدي يوسف بن علي وحلوله معقدة ولعبت به السياسة ، السيد باشا منطقة سيدي يوسف بن علي المحترم ، كل الناس تحب النظام ، أن يظهر الشارع نظيفا جميلا ، أن يستفيد الذين يدفعون الضرائب من الزبناء أولا ، أن يكون لهم ما يحميهم من فوضى احتلال الملك العمومي ، أن تبقى جمالية الحي فوق كل اعتبار .وفي المقابل أن نبحث للفراشة عن حلول وبدائل فالظاهرة كالسكن العشوائي وكجميع دور الصفيح التي اجتهد المغرب منذ التسعينيات ولم يفلح لإيواء الملايين المتكدسة في دور متزاحمة داخل الأسوار .

السيد الباشا إن الذين حرمتموهم من الخبز هذه الأيام واللذين خرجوا من أجل لقمة عيش ،من أجل ابتياع بضاعة يعودون إلى بيوتهم ليصرفوها في شراء ، قالب سكر وقنينة زيت ، وبعض الدقيق ودواء الأسبرين لأوجاع الرأس، ليعضون على أيديهم ببيوتهم ، والمال الذي جمعوه يدبرونه درهما درهما وسط مخاوف أن يجوعوا ..فبمغيب شمس كل يوم ينقص سكرهم وزيتهم وشايهم ..ويصبح أطفالهم بلا حفاظات ولا صابون … .

السيد الباشا عليكم قبل أن تحرروا الملك العمومي أن تدخلوا بيوت “الفراشة” الفقراء لتروا كم هم يعانون ، إنهم ينهضون في الصباح من كل يوم ويتوجهون إلى البقال القريب منهم من أجل “لكريدي ” ، يقترضون جميع حاجات فطورهم ، هناك المرأة الأرملة والمطلقة والعجوز والشاب والرجل والشيخ ..يجمعهم المرض وتدوخ بهم الأرض ، وبعدها ينشرون بالشوارع من أجل لقمة العيش ، ليس ليصبحوا أغنياء وإنما من أجل التقاط أخر أنفاس الكرامة .

السيد الباشا المحترم قبل أن تحرروا الملك العمومي ، قوموا بدراسة معدل دخل الناس إنه تحت “جد” الصفر ، الحي يؤم جميع القرى من وراء ظهره ، منطقة سيبع غالبية سكانها فقراء مياومون عطاشة ووو، ولا مجال لوصف مهنهم احتراما للمهن التي يعتبرونها كرامة قبل الجنون أو اقتراف أفعال يصبح الرصاص حلا لها .

قبل التحرير فهؤلاء مواطنون مغاربة يحبون هذا البلد ، وقد امتحنتموهم كثيرا ، إنهم مرضى ، بؤساء ، وشباب حالم لا يجد غير شارع بولرباح صباحا وشارع المصلى مساءا من أجل تصريف الزمن ، بل إن بعضهم يعود إلى بيته بعشرون درهما أو أقل ، وبعضهم يستثمر 1000 درهم وتذوب أمامه مع الوقت فيرجع عاطلا ، عليكم أن تقتربوا منهم فهناك الأمراض المزمنة التي تحملها النساء في صمت كبرياء المرأة العفيفة الشريفة ، وهناك شقاء الزمن كله تختزله الوجوه التي غابت عنها حمرة الصحة والهناء .

السيد باشا حي سيدي يوسف بن علي فكروا في حلول قبل الإقدام على إنفاذ القانون الذي نعتبره فوق رؤوس الجميع ، المقاربة الإنسانية أكبر من أي شكل أخر للتدخل ، هناك اليوم محلات بالمركب النمودجي سوق الربيع فارغة أصحابها يعرضون منتوجاتهم بالخارج منها ، قوموا بدراسة تاريخ ذلك المركب التجاري الفاشل الذي لم يستجب لأي شكل من أشكال التحفيز كي يصبح قادرا على حمل هؤلاء “الفراشة” دون الحاجة كل صباح و مساء لعرض الكراريس بالشارع العام .

كما أهمس في أذنكم أن تحرير الملك العمومي يجب أن يسري على الجميع فالقاعدة عامة لا استثناء فيها ، ألم تروا أصحاب المقاهي وفيهم من أصبح يحتل مشروع ملاعب القرب بالقرب من باب أحمر بدعوى أنه صحفي وهذا سيفهمه الفراشة حگرة ويفهمه النافذون قوتهم .

السيد الباشا “عصام فائز” ،أنت إبن عائلة متوسطة إبن استاذ لا حول له ولا قوة مدخوله “على قد الحال” وتعرف مالفقر ، أعرف جيدا أنك تحب الخير للجميع وأعرف أنك لست بظالم ولا تحب أن يظلم أحد من ساكنة هذا الحي المنكوب والدليل على ذلك هو الخطة التي وضعتموها لتحرير الملك العمومي وانا كنت شاهدا على ذلك ، وأشهد الله أنني لم أرى رجل سلطة يغار على هذا الحي وساكنته كما تغار عليه أنت ، فخذ نصيحة من أخ لأخ إياك ثم إياك ثم إياك أن تكون خصما لشخص ليس له إلا الله .

وختاما أختم رسالتي بمقولة خاطب بها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لما رأى المشركين يؤذونهم ولا يستطيع أن يكفهم عنهم قائلا : « إذهبوا إلى الحبشة فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد » ، ونحن إذ نقول للبائعين الجائلين “الفراشة” بحي سيدي يوسف بن علي : « إذهبوا إلى مكتب باشا منطقة سيدي يوسف بن علي فإن به رجل سلطة لا يظلم عنده أحدا » .

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى