أقلام حرة

المتعبون..

isjc

* بقلم: عبدالرحمان رفيق

في هذا الصباح هناك المتعب والمنهك المنتهك ، هناك من يناديه إنتظر لقد ترك لك فلان (الحاج) النقود يفرح وتلمع عيناه لمعة كسرة الخبز التي أركبت لهفة الجائع ثم رماه المراهقين في هاوية الحيرة ..

هناك سيدة كرهت الحياة بسبب رجل فضل صديقتها عنها بعد وعود وردية وابتسامة مشتركة ، وقد يطول بهما الحديث عن أسامي ما سيليدون.. هناك أرملة تخوض الحياة دون التفكير في الاقتيات من لحمها أرملة لتطعم صغارها و لا يمكنك أن تخفف عنها حملها .. وهناك من استيقظ بحزن عميق بعدما أخذوا عربته لأنه يشوه رونق المدينة ورصيفها..وهناك المتشردين على أرصفة الطرقات القابعين في زوايا النسيان..وهناك من أنهك التدخين جسده وأضناه الدهر وهو في عمر الزهور..

وهناك من استوطنت شعرة جديدة ليست كباقي شعرات، خصلة بيضاء ناصعة وأصبح وجه تملأه تجاعيد وحفر، وهناك التي كذبت على صغارها أنّ الطعام سيحضر قريباً قبل أن يلتحفوا السماء و يناموا جياعًا ، وهناك الشيخ الذي لا زال ينهض قبل سماع الأذان فجراً ، وهناك جامعي قوارير البلاستيك في عصر السمارت فون، و لكلٍّ من لم تغيّر الحياة جوهره ..وهناك لمعلّم لم يرفض العمل في ريفٍ ناءٍ و لا يمنعه الوحل شتاءً من تأدية واجبه ..

وهناك فقراء دراويش يموتون على مهل في أعالي جبال يكسوها الثلج.. وهناك العذراء توقف الطاكسي الليلي لتقصد الملهى المعلوم ، حيث ستفقد ما تعتز به بنات جيلها .. و هناك شاحبة تتزين بمساحيق البؤس و الهلاك .. وهنالك الرجل ذو البذلة السوداء لم يعد لديه درهم واحد ليصرفه على البيت ، أولاده مبهمون و الزوجة راقدة على سرير من الأشواك ، و الجوع يلوي البطون و العصا قدر الأم و الصبيان و لكن آلاف الدراهم حاضرة في حانة المجهول ، فالرجل الكريم يغدق الآلاف من أجل نشوة ويسكي تنسيه الهموم كما يدعي.. وهناك القروية التي تحمل حزمة من السعف اليابس فتخترق الواحة بنشاط.. وهنالك شاب يريد الهجرة إلى أوروبا  فيأخذ صورته معه حتى لا تنام كل ليلة فوق صدر أمه، إن يَعُدْ يَعُدْ إليها كاملا، وإن يرحل يرحل كاملا..!

وهنالك تخفي الأم عن أبنائها اليتامى ملابس أبيهم القديمة التي تحمل رائحة عطره..! ليجتاح طفولتهم في وقت مبكر.. وهنالك القمار ينتظر زوجته حتى تعود من عملها لتجود عليه ببضع دراهم ينفق بعضها في شراء سجائر ، وما تبقى يجالس به أمثاله من أصدقائه في إحدى مقاهي المدينة يلعبون الورق فهي لا تعرف لما عليها الصبر تعود إلى المطبخ وهي تسأل نفسها عن السبب تحملها هذه الإهانات يوميا، فلم تجد جوابا غير حبها للأطفالها وتعلقهم بها.. وهنالك السجين ينظر الى الشمس بعد ان أطلق صراحه وغادر عتمة المعتقل، يكاد لا يرى شيئا والوجع يملأ عينه السجن أكل من شبابه أصبح عاجزا عن العمل وعائلته لا ترغب في وجوده حتى لا ينقل العدوة لي أطفالها.. وهنالك ترى المستضعفين بالأرض يظلمون ولا تستطيع أن ترفع عنهم الظلم ..

وهناك ترى إنسانا مريضا يتألم و لا يمكنك أن تزيل ألمه..

وهنالك ترى أطفالا صغارا يقطعون أميالا على الأقدام في برد الشتاء للوصول الى المدرسة و لا تملك أن تيسر لهم الأمر.. وهناك ترى الآلاف يشردون، وينزحون، ويلجأون في أصقاع الأرض و لا تملك أن تأويهم… وترى الفساد يستشري في جسد هذه الأمه ولا تستطيع أن توقفه وهنالك ترى ولدآ يضرب والديه ولا تستطيع الدفاع عنهم لأن والديه يقولان دعه لحبهما له … هؤلاء هم المتعبون كثر ويصعب جمعهم في نص متعب هم يحملون العالم بصدق المشاعر.

مدون وطالب جامعي

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى