في الواجهةكتاب السفير

مغاربة العالم.. هل سيكون لهم دور في النموذج التنموي الجديد؟

isjc
* ذ. البشير حيمري

مغاربة العالم تجاوز عددهم الستة ملايين، متواجدون في القارات الخمس، ساهموا لسنوات في دعم الإقتصاد الوطني، وحرموا من المشاركة السياسية رغم أن دستور 2011 أعطاهم حقوقا لكي يكونوا ممثلين في مؤسسات الحكومة.

استمر الجفاء اتجاههم لتسع سنوات، وتعطل تفعيل عدة فصول ولم يستطع مجلس الجالية كمؤسسة دستورية تقديم رأيا استشاريا لجلالة الملك، يكون الآلية الديمقراطية لمساهمة مغاربة العالم في دعم المسار الديمقراطي أولا والمساهمة في التنمية.

كنا نأمل أن تتحمل هذه المؤسسة كامل مسؤوليتها في التحضير للقاءات تنفيذا للتعليمات السامية لجلالة الملك، الذي اقترح التفكير في نموذج جديد، لأن مغاربة العالم منذ سنوات أصبح لامحل لهم من الإعراب، فهم خارج التغطية، فتحويلاتهم تأتي في الدرجة الثانية بعد مداخيل السياحة.

مغاربة العالم محرومون من المشاركة السياسية، وغير ممثلين في كل المؤسسات التي نص عليها الدستور الذي صوتوا عليه بالوكالة أوبالتصويت المباشر ،هم داعم أساسي للإقتصاد الوطني، ورغم كل الذي ذكرت فإنهم يستمرون في الغياب، حتى في المساهمة في النقاش، فيما يجرى حاليا حول المشروع التنموي الجديد، رغم أن فيهم كفاءات عالية في جميع المجالات، (بين قوسين الملاحظة سجلتها قبل اختيار عناصر من مغاربة العالم في اللجنة ولكنهم في الحقيقة في غالبيتهم لايلعبون أي دور في الساحة)، كان من الأجدر أن يتم فتح حوار داخل النسيج الجمعوي المغربي بالخارج من أجل تعميق النقاش وترك الفرصة لمغاربة العالم في اختيار من يتحدث باسمهم.

لماذا يتم تغييب مغاربة العالم في هذه الفترة المهمة من تاريخ المغرب.؟ لماذا لا تفتح الحكومة المغربية قنوات التواصل معهم؟ لماذا يلتزم الصمت المقصيون من المغاربة في فرض وجهة نظرهم، يبدو أن هناك جهات لها مصلحة في تغييب المتشبعين بقيم الديمقراطية التشاركية في الغرب، فتغييب مغاربة العالم في النقاش الذي فتح حول المشروع التنموي الجديد خطأ قاتل لأنهم في نظري من ركائز نجاح هذا المشروع، وعلى الحكومة أن تستوعب هذه الصيحة الصادرة من الأعماق.

إننا متشائمون من الوضعية الإقتصادية المتأزمة جدا ببلادنا، ونخشى أن ينزلق المغرب لوضع لا نريده، فالديون الخارجية بلغت مداها، والحكومة في حاجة لديون خارجية في ميزانية 2020، علامة استفهام كبيرة حول تدبير الحكومة الحالية لملفات كثيرة، وحرب طاحنة بين مكوناتها الغير المتجانسة، فهناك حملات انتخابية قبل أنوانها تقودها أحزاب سياسية، وتوافقات سياسية بين الإخوة الأعداء حزب البام وحزب العدالة والتنمية .

ماذا يخطط هؤلاء للشعب المغربي، يبدو أن مغاربة العالم لم يعد لهم تأثير في السياسة المغربية، في رسم سياسة الهجرة لحوالي ستة ملايين يعيشون خارج البلاد، وكأن الدولة المغربية تبعث لهم رسائل مشفرة من خلال تهميشهم وإقصائهم، هذه الرسائل يجب أن يستوعبها المتشبعون بالقيم الديمقراطية ويعيدون النظر في كل شيئ حتى في مستقبل العلاقة مع الحكومات التي تدبر شأن البلاد، لأنهم لاعلاقة لهم بها، ثم لابد من الإشارة أن الذي يترأس هذه اللجنة هو السيد شكيب بن موسى إطار مهندس سبق له أن تحمل حقيبة الداخلية لمدة عشر سنوات وعشر سنوات كسفير للمغرب في فرنسا، ويعرف جيدا الكفاءات الكبيرة الموجودة بفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية ويتوجه العديد من الطاقات بنداء له لكي يستثمر تجربتيه كوزير للداخلية وكسفير.

والتراكمات التي أصبحت لديه في الإستفادة من الكفاءات التي سمحت الظروف بمعرفتها والتي تزخر بها عدة دول، ويتساءل مغاربة فرنسا هل يحترم ماقاله في عدة لقاءات ويلتفت للكفاءات التي تواصل معها ويعرفها حق المعرفة، أم سيتصرف بعقلية وزير الداخلية في منصبه الجديد، وهل سيكون في مستوى مغاربة العالم وكل المغاربة ويتعامل بحكمة وتبصر ويلتفت لإشراك الكفاءات الموجودة بالخارج؟ ننتظر أن تتفاعل مع مايقوله مغاربة العالم يا شكيب بنموسى.

رئيس اللجنة فعل خيرا عندما عقد جلسات مع الأحزاب السياسية في لقاءات متعددة لمعرفة وجهة نظرها، فلبت الدعوة أحزاب ونقابات ورفضت أخرى ولا أدري أسباب الرفض، مع العلم أن هذه فرصة للمساهمة بدورها في بناء مغرب حداثي ديمقراطي.

رئيس اللجنة مع كامل الأسف وهو الملم بالنقاش الذي يدور بالخارج وسط النسيج الجمعوي ،لم يبدي أي التفاتة لحوالي ستة ملايين وكأن مغاربة العالم غير معنيين بالمساهمة في بناء مغرب جديد، رغم أنهم يعيشون في بلدان متعددة وقادرون أن ينقلوا نماذج راقية في النمو يعيشونها على سبيل المثال لا الحصر في الدول الإسكندنافية التي أصبحت نموذجا في العالم في ميادين التعليم، فنلندة الأولى في العالم، والتغطية الصحية الدنمارك كنموذج.

ان ترسيخ الخيار الديمقراطي يتطلب إشراك باقي فئات المجتمع بما فيهم ستة ملايين يعيشون خارج البلاد، الذين يجب أن يكونوا من دعائم المرتكز المؤسساتي والإقتصادي والإجتماعي والمجتمعي والثقافي.

إن تلكؤ الحكومات المتعاقبة منذ 2011 في تفعيل الفصول المتعلقة بالمشاركة السياسية وإقصاء مغاربة العالم من تدبير ملف الهجرة ومن بناء مغرب اليوم الذي يريده جلالة الملك، ومن هذا المنطلق يجب أن يلعب ستة ملايين مغربي دورا أساسيا في النموذج التنموي الجديد، لأنهم هم المورد الأساسي للإقتصاد المغربي ، كما أن تحويلاتهم تحتل المرتبة الثانية في دعم الإقتصاد الوطني.

مغاربة العالم فاعل أساسي في التنمية حسب دراسات قامت بها جهات متعددة فإن مغاربة العالم هم مدعموا التنمية في الجهات التي ينحذرون منها، وبالتالي يعتبرون من أسس تعزيز الجهوية الموسعة، لكن غالبية المستثمرين من مغاربة العالم تعرضوا للنصب والإحتيال في غياب الصرامة، والعديد منهم لهم ملفات في المحاكم المغربية.

إن ظاهرة السطو على عقارات مغاربة العالم، والنصب عليهم، تفشت بشكل فظيع تتطلب تدخل القضاء لمحاربة بارونات العقار والنصابة، فمغاربة العالم مع محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين بتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، والغالبية المطلقة منهم يعيشون في بلدان ديمقراطية ومتشبعون بالقيم التي يتقاسمونها في مجتمعاتهم، وإذا انطلقنا من المجتمعات الإسكندنافية، فإن المسؤول كيفما كانت مرتبته معرض للمساءلة والمحاسبة في حالة ما إذا كشفت السلطة الرابعة هفواته، والمسؤول كيفما كانت مسؤوليته تنتهي التعويضات التي يتلقاها عن مهامه بمجرد ما تنتهي مسؤوليته، وبالتالي فمغاربة العالم مع إحداث قطيعة مع اقتصاد الريع، ويندرج في هذا الإطار تقاعد النواب في البرلمان والوزراء.

مغاربة العالم مع احترام الديمقراطية كخيار، ولن تكون هذه الديقراطية ناجعة من دون أحزاب سياسية، ومن دون انتخابات نزيهة ،بعيدة عن الرشوة وشراء الذمم، فمغاربة العالم ضد استعمال الدين في السياسة ويلتزمون باحترام الدستور والمؤسسات والأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، ويؤكدون أنها أساس دولة القانون والمؤسسات، وبالتالي فلا يمكن إقصاؤهم وتهميشهم في أي سياسة في المستقبل.

مغاربة العالم مع احترام حرية التعبير ويعارضون التضييق على الصحافة التي تعتبر السلطة الرابعة، فهم مع المناصفة وإعطاء المرأة المغربية حقها الكامل في لعب دور في البناء المؤسساتي، ومن دونها لايمكن ترسيخ القيم الديمقراطية التي تعودنا عليها في البلدان التي نعيش بينها.

مغاربة العالم قادرون على المساهمة في التنمية وخلق فرص الشغل، وهم لاعب أساسي في الإقتصاد، وهذا بحجم التحويلات المهمة من العملة الصعبة، وبالتالي فهم مع الحكامة الجيدة في كل المجالات ويتطلعون لإنعاش مناطق عديدة في المغرب الذي تعاني فيه العديد من مناطق الشرقية من نقص في التنمية، من فكيك إلى الحسيمة والجنوب الشرقي ،ومناطق أخرى في المغرب العميق.

وفي الأخير لابد من توجيه نداء لمؤسسة مجلس الجالية أن تتحرك في تنظيم ندوة تجمع مغاربة العالم لمناقشة النموذج التنموي الجديد والخروج بمجموعة من المقترحات، وقد يرد البعض أن مغاربة العالم ممثلين في اللجنة لكن النسيج الجمعوي له رأي في الموضوع، وربما قد يكون مختلف عن الأفكار التي سوف يطرحها من تم اختيارهم.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى