كتاب السفير

الخريف الفرنسي وغياب الحوار

isjc

السفير 24 | الدنمارك: ذ. البشير حيمري

ما نقلته وسائل الإعلام الدولية من قلب باريس من عنف مارسته الشرطة بقمع زائد لا يختلف عن العنف الممارس في المظاهرات عندنا أوفي العالم الثالث.

لم يعد فرق في تدبير الإحتجاجات بين فرنسا والمغرب، الإحتجاجات في فرنسا كانت ضد السياسة التي تريد الحكومة تطبيقها والتي سيكون المستفيذ الأكبر منها الطبقة الأرستقراطية والأغنياء ،بينما ستتضرر الفئات الأخرى إصرار الحكومة ورئيس الدولة على مواصلة الإصلاحات التي أقرتها، دفع بالطبقة العاملة وأصحاب السترات الخروج للتظاهر والضغط ،وتمادوا في ذلك فأغلقوا الطرق ،مما دفع برجال الأمن للتدخل بعنف مبالغ فيه ولا يختلف كليا عن الممارسات الخطيرة التي نلمسها من حين لآخر في العديد من دول العالم الثالث ،عدوى التظاهر والعنف لم تنحصر في العاصمة باريس بل انتقلت لمدن فرنسية أخرى ،لا أدري ما الأسباب التي دفعت رجال الأمن في فرنسا التدخل بهمجية زائدة هل لأن المتظاهرين غالبيتهم مهاجرون من شمال إفريقيا ومستعمرات فرنسا سابقا ،هل يجرئ رجال الشرطة الفرنسيين استعمال العنف وبهمجية آتجاه الفرنسيين .لماذا يلتجئ المتظاهرون لإحراق ممتلكات الغير والدولة ؟ لماذا يستمر الرئيس الفرنسي في تعنته وامتناعه عن الإستماع للشعب ؟ لماذا لا يندد الرئيس الفرنسي بمانقلته القنوات الفرنسية من عنف ؟ إلى أين سيقود تعنت الحكومة ومسلسل العنف ؟ ثم لا يعتبر استمرار المظاهرات ومواجهتها بعنف صورة لشعوب أخرى بمعارضة كل السياسات التي لا تتماشى مع انتظاراتهم.

بالفعل لقد انتقلت عدوى المظاهرات لبلجيكا ويمكن أن تنتقل إلى إيطاليا وإسبانيا اللتان تعرفان أزمة اقتصادية واجتماعية .خريف فرنسا الذي تسبب لحد الساعة لخسائر فادحة واعتقالات وجرحى من كل الأطراف وفي غياب حوار بين الحكومة والمتظاهرين ،يدفع بمزيد من التعقيد في ضل إصرار الرئيس ماكرون بعدم التراجع في القرارات والسياسة التي اتخذها ،شد الحبل سيستمر بين الحكومة والمتظاهرين ،والطريقة التي تعاملت بها فرنسا في معالجة أعمال الشغب . لن تجني من ورائها إلا مزيدا من العنف ولا مخرج من الأزمة دون تراجع الحكومة عن الزيادات المرتقبة في مصادر الطاقة.

فرنسا التي يسكنها أكثر من ثمانية ملايين مسلم غالبيتهم من المغرب العربي ومستعمرات فرنسا السابقة سيكونون هم المتضرر الأكبر من السياسة التي تعتزم الحكومة تنفيذها واستمرار تعنت الحكومة سيؤدي لامحالة لانتقال عدوى الإحتجاج والتظاهر لباقي المدن الكبرى، ومانراه اليوم من إحراق لممتلكات الخواص والدولة ستعيشه مدن فرنسية أخرى بل دول مجاورة أخرى.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى